1- فن السخرية الذي يصنع البهجة.
حين تلامس الجرح وتظهر العيب وأنت ترسم الابتسامة على وجه المشاهد باستخدام صورة تجعله يضحك
فأنت تسخر.. وحين يضحك الموجوع من ألمه ويعيش واقعه بضحكة تخفف عنه آلامه ويضع حلولا ولو بالأحلام فهم يسخرون.. وحين نعبر عن حالة رفض للواقع دون الاصطدام أو خلق حالة مواجهة مباشرة مع السلطة فنحن نسخر... وبأسلوب مبسط السخرية سلاح ذاتي يستخدمه الفرد للدفاع عن جبهته الداخلية ضد الخواء والجنون المطبق ، إذ أن السخرية رغم هذا الامتلاء الظاهر بالمرح والضحك والبشاشة إلا أنها تخفي خلفها أنهارا من الدموع.
السخرية هي صناعة شعبوية تتحطم عليها كل الأصنام.. تضع كل سلطة منفوخة عند حجمها الذى يستطيع الشخص العادى أن يتناولها كما يشاء.. صناعة ضد كل ما تضخم من سلطات عبر تاريخ البشرية.. حيث يريد أن يصنع الرجال من أنفسهم أصنامًا مقدسة يقمعون بها كل من يقترب منهم أو يشعر بأنهم كائنات مثلنا من لحم ودم.. فالسخرية تنزع القداسة عن السلطة التى تقهر الناس باسم وجودها فى ذلك المكان المقدس، حيث يتصورون أن كلامهم التافه سيتحول إلى خطابات تحمل الحكمة والفلسفة.. وحيث يتصورون أنهم فى قلعة تحميهم من الغضب أو النقد.. فصنم عبادة المنصب له أسماء للتدليل والتخفيف مثل: النقد المباح.. احترام رجل السلطة.. (اعتبره أبوك يا أخى).. إلى آخر هذه القيم التى يراد بها باطل هو تكريس الحكم الأبوى المجنح.
السخرية تدفع المتفرج إلى التخلص من القبضة الناعمة للسلطة وتكون هي السبب الرئيسي للبهجة.
2- الجنرال جعل من نفسه صنماً جاهزاً للعبادة.
الجنرال لم يعد يرى نفسه مجرد وزيراً للدفاع بعد ما حدث في البداية الثلاثين من يونيو والنهاية في تفويض السادس والعشرين من يوليو.. فهو يرى نفسه الأن صاحب هذه الدولة وحاميها من المجهول الذي كانت الجماعة المحظورة جزءاً منه وليست المجهول كله، حيث قد إجتمعت كل دول العالم في مكان ما في الخفاء كي تتأمر على الدولة المصرية «التي في حقيقة الأمر لم تعد مطمعاً في شيء فلم يتبقى منها سوى أهرامات وتماثيل حبيسة المتحف ونهر نيل أوشكت مياهه على الجفاف».. هكذا يروج الجنرال وسلطته وأجهزتها وإعلامها لهذه الخرافات كي تسيطر بها على هذا الشعب الثائر الذي أرهق الدولة العميقة وأجهزتها على مدار عامين ونصف.. والشعب قد إستسلم فعلاً لإرادة السلطة وأصبح جاهز تماماً للسير على الخط التي ترسمه السلطة الجديدة لتعود به إلى وضعه الذي كان عليه قبل 25 يناير مع تغيير بعض الوجوه الكريهة بوجوه جديدة وكأن شيئاً لم يكن.
3- باسم يوسف وهواية تحطيم الأصنام.
هو أحد أهم ما أنجبتهم ثورة 25 يناير من أحرار .. فهو الذي إستثمر «»الحرية ودافع عنها وظل حامياً لها من خلال برنامجه الساخر الناجح منذ اللحظة الأولى حيث بدأ موسمه الأول من البرنامج كإعلامي ساخر من الإعلاميين أنفسهم.. ثم أنهى موسمه الثاني كإعلامي ساخراً على سخرية الجميع.
ذلك الساخر الذي يعتمد على الصورة وحدها فقط في إستعراض مادته.. تلك الصورة التي يصنعها صاحب الصنم لنفسه يجعل منها باسم فأساً حادة تنزل على نفس الصنم لتحطمه.. هذا ما فعله مع المرسي الذي رسمت له جماعته صورة من التدين المزيف المصحوبة ببعض الحداثة المصطنعة والأساطير الساذجة لتصنع منه صنماً للخلافة وأستاذية العالم.
الصنم الجديد يخاف على نفسه من فأس الساخر الذي تستهويه فكرة تحطيم الأصنام.. خاصة وأن الصورة المصنوعة للجنرال مائة سهلة للغاية، فهو بكل سذاجة ترك تنفسه لمشبوهين يرسمون تلك الصورة التي تفتقد الخيال والحرفية.. ومن خلال حلقة واحدة للساخر إهتز الصنم وكاد أن يسقط.
4- قنوات الـ سي سي بيه.
هي القنوات التي أنشأها رجال أعمال النظام الذي كان قبل الخامس والعشرين من يناير.. للدفاع والحفاظ على المصالح المشتركة بينهم وبين الدولة العميقة وأجهزتها.. تعتمد على نفس الوجوه الإعلامية التي تربت في كنف هذا النظام.. ألقى بها القدر في العام الماضي في حضن المعارضة لأن النظام كان لأول مرة غريباً عن تلك الوجوه التي تربت على تلميع النظام.. إستطاعت إحدى هذه القنوات أن تفوز بالتعاقد مع «باسم يوسف» في الفترة التي كانت المعارضة قدرها وكانت العلاقة بينهم وبين باسم تتسم بالحذر.. فهو غريب عن هذه الوجوه.. لا يشبهها.. وليس منهم في شيء.. فهو قادم الميدان الذي وقفت تلك الوجوه جميعها ضده.. قادم على مبادئ ثورة هي بالنسبة لهم نكسة.. لكن طالما كانت المصلحة تقتضي قبوله المؤقت، فكان واجباً على تلك الوجوه الكريهة إحتوائه.
لكن النظام بعد الثلاثين من يونيو تغير ويسعى بشتى الطرق للعودة إلى ما كان عليه قبل النكسة والقناة تسارع الزمن للمساهمة في صنع صنماً من الجنرال الذي يظنون أنه سيعيد الدولة العميقة لأصلها.. فكيف يكون بينهم هذا الساخر الذي يستهويه تحطيم الأصنام؟!
هنا وجب أن تعود الأمور إلى صوابها.. يعود السلطوي إلى سلطته.. والثوري إلى ثورته.. فلم يعد لباسم مكاناً مع الغرباء حتى وإن أضطر إلى أن يعود إلى الإنترنت حيث أتى !
قنوات «السي سي بيه»
مقالات -
نشر:
3/11/2013 10:16 ص
–
تحديث
3/11/2013 10:16 ص