لم تعجبنى حلقة باسم يوسف الأخيرة، لكنى أجد من الخطأ وقف برنامجه لما فى ذلك من إساءة لمصر الثورة القوية الواثقة من نفسها، والتى يجب ألا تلجأ لوسائل القمع البالية التى درجت عليها الأنظمة السابقة.
لم يكن باسم يوسف موفقاً حين ساوى فى برنامجه بين من يقفون مع الثورة ومن يقفون مع الإخوان ويصفون ما حدث بالانقلاب، حيث سخر من الاثنين على قدم المساواة، وذلك موقف قاصر استخدمته الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية فيما بدا لنا فى مصر محاولة لمصادرة الإرادة الشعبية التى عبر عنها عشرات الملايين من الجماهير الغاضبة يوم 30 يونيو، حين خرجت تطالب بإسقاط حكم الإخوان والتفت حول الجيش حين حقق لها إرادتها.
أنا أفهم أن يقال إن هناك من يعارضون هذا الموقف الجماهيرى، لكن أن يُقدم الجانبان كأنهما متساويان، والوصول إلى حد ترديد أن ما حدث انقلاب فى الوقت الذى بدأت فيه بعض الدول الغربية تتراجع عن ذلك، فهذا خطأ منهجى فادح، بصرف النظر عن السخرية البارعة التى يجيدها باسم يوسف.
لقد دخل باسم يوسف قلوب الجماهير حين وجدوا فى سخريته خفيفة الظل تعبيراً مباشراً عما يشعرون به، لكن هذه كانت المرة الأولى التى وجدوا فيها أن نجمهم المفضل إنما يسخر منهم هم ومن ولعهم بالشخصية التى استجابت لمطلبهم الجماهيرى، وتلك خطيئة ينبغى ألا يرتكبها نجم فى حق جماهيره.
ولقد عاقبت الجماهير باسم يوسف على خطيئته وعبرت عن رفضها لما ارتكبه فى حقها، ولم يكن هناك احتياج لذلك الإجراء التعسفى تجاهه.
إن الجماهير التى نزلت بالملايين يوم 30 يونيو أكبر بكثير من أن تحتاج لوقف برنامج تليفزيونى، ومن وضعت الجماهير ثقتها فيه لأنه حقق إرادتها أكبر هو الآخر، لأن الجماهير اختارت أن ترتفع به إلى حيث لا يطاله نقد، شأنها دائماً فيمن تتخذهم أبطالاً، سواء كان اسمهم أم كلثوم أو جمال عبدالناصر أو نجيب محفوظ أو عبدالفتاح السيسى، ولقد كانت سخرية باسم يوسف موجهة ضد قرار الجماهير هذا وليس ضد الفريق السيسى، ولم يكن للجماهير أن تغفر له ذلك لولا فعلة القناة غير الحكيمة التى فتحت له باباً خلفياً للتعاطف الجماهيرى.