الاتهامات الموجهة لكثير من الإرهابيين تكفى لحبسهم ألف عام.. عندما قرأت اتهامات عصام العريان وغيره، وجدت أنها تتضمن تهمة تعطيل مؤسسات الدولة وإتلاف المنشآت العامة، فضلاً عن التحريض على العنف والقتل.. أظن أن دور النيابة توجيه الاتهام.. شغلنى أمر آخر غير قرارات الحبس، وهو تغريم المتورطين فى إتلاف المنشآت.. أتصور أن يكون التغريم ضمن أحكام الإدانة النهائية!
الحبس وحده لا يكفى.. لابد من توقيع الغرامة.. الغرامة هى التى تُوجع أصحابها، ولو باعوا عفش البيت.. من أفسد شيئاً فعليه إصلاحه.. بيان جامعة الأزهر قدَّر الخسائر المبدئية لأحداث الأربعاء الحزين بأكثر من عشرة ملايين جنيه.. السؤال: من يتحمل هذه الأموال؟.. الإخوان اعتادوا الحبس.. رأيناهم يعيشون فى غرف شبه فندقية.. رموز نظام مبارك كانوا محبوسين فيها، فجعلوها فنادق!
لم يعد الحبس يحرق الإرهابيين.. الفلوس هى التى تحرقهم.. أموال الجماعة سوف تديرها لجنة حكومية.. لماذا لا تُقيّم هذه اللجنة خسائر «رابعة والنهضة وجامعة الأزهر»، ثم يتم سداد تكلفة إعادة الأشياء إلى ما كانت عليه، ولو أتت على كل أموال الجماعة؟.. أما إذا لم تكن هذه الأموال تكفى، تتم مصادرة مشروعاتهم، أو بيعها فى المزاد العلنى، للوفاء بها.. هنا ربما تتراجع الأيدى الآثمة ألف مرة!
البيان الذى أصدرته جامعة الأزهر مؤلم للغاية.. إدارة الجامعة تشعر بالأسى والحزن.. تعرب عن أسفها أن ما حدث «من مدعى السلمية فى التظاهر، الذين خرّبوا ودمروا، وبلغ تدميرهم إلى نقب حائط بالمبنى الإدارى للجامعة، وتسلق الجدران، وتحطيم الأبواب والنوافذ، وإتلاف الممتلكات العامة».. أسوأ ما فى الحكاية فعلاً أن كل ذلك حدث فى وجود رئيس الجامعة.. لا هم اعتبروا ولا هم انكسفوا!
الغريب أن كل ذلك يحدث فى جامعة الأزهر.. ما يعنى أنها جريمة مزدوجة.. فهم طلاب أزهريون، وغير هذا إخوان.. لا تصرفوا كإخوان يتحدثون عن الشريعة، ولا تصرفوا كأزهريين يقرأون القرآن والسنة.. أشفقت على الدكتور أسامة العبد حين حاصروه.. ربنا أعماهم حين حاصروا مكتبه.. لو وجدوه لقتلوه.. الإخوان لا يتورعون عن إزهاق الأرواح.. تاريخهم الدموى «ثابت» منذ حسن البنا!
بالطبع كان بيان الجامعة رادعاً.. يحمل الألم تارة، ويحمل السخرية تارة أخرى.. خاصة حين يتحدث عن قيام المخربين بالصلاة، قبل بدء عملية التخريب.. هو أيضاً يحذرهم حين يقول: «الإسلام لا يعرف الإجرام ولا المجرمين، وسيحفظ الله الأزهر وجامعته كما حفظهما على مر التاريخ.. وستظل أفعالهم الإجرامية وصمة عار.. ولن ننسى الجريمة النكراء التى ارتكبوها بادعاء التظاهر السلمى»!
مواجهة العنف فى الجامعات تتطلب إجراءات صارمة.. جامعة الأزهر انتبهت إلى ضرورة «قطع الأيدى الآثمة».. هذه الإجراءات ينبغى أن تكون محل اتفاق عام فى الجامعات قبل محاكمة «القرداتى».. إجراءات لا تتضمن الحبس وحده، وإنما تتضمن التغريم أيضاً.. الشىء الوحيد الذى يحرق قلوبهم(!)