سيقف التاريخ في حيرة وهو يكتب عن الوزير السبعين في تاريخ الجيش المصري منذ أن أعاد إنشاءه «أحمد عرابي» حتى الأن .. كما لم يقف من قبل أمام أياً من سابقيه .. فهو الرجل الذي راهن عليه الشعب كي ينصفه على رئيسه الذي بغى وطغى وأفترى على شعبه منذ يومه الأول حتى بعد يومه الأخير في السلطة .. فنصفه .. ذلك الرئيس الذي أصر في أول يوم على حلف يمين الرئاسة أمام الشعب في الميدان، فما كان من الشعب سوى أن رمى عليه الشعب يمين الخُلع في نفس اليوم بعد عام واحد وفي نفس الميدان.
لقد إستطاع «عبد الفتاح السيسي» إسمه في صفحات التاريخ بحروفٍ من نور لا يمكن أن يطفئها سواه .. إذا لم يرزقه الله بحسن الخواتيم، واستجاب لوسوسة الشياطين التي توسوس له الأن في كل مكان أينما ذكر إسمه.
السيسي أعلن مراراً أنه لا ينتوي ولا يريد أن يترشح للمنصب.. كانت المرة الأولى عندما قالها للحاضرين في الإجتماع الذي تم في قصر الإتحادية في يوم الثالث من يوليو الماضي قيل بيان العزل بساعات قليله ومن هنا نال ثقة الحاضرين جميعاً ومن وكلهم في الحضور والتحدث باسمهم .. ثم أكد عليها وقت أن طلب التفويض.. ثم قالها بعد ذلك مرتين في مناسبتين مختلفتين... وهذا ما جعل كثيراً من المصريين مطمئنين ومتبنيين للمسار وخارطة الطريق الجديدة التي أعلن عنها السيسي بعد الثلاثين من يونيو.. وكان شريطة هذا عند الكثيرين أن لا يترشح عسكري للمنصب.
ترشح السيسي للرئاسة يعني أنه يستثمر وجوده على رأس القوات المسلحة في هذا التوقيت الهام، وتقدير معظم الشعب للدور العظيم التي قامت به في هذه المرحلة ويسخر لنفسه كل أجهزة الدولة التي قد بدأت فعلاً في هذا.. ليخلق لنفسه أقصر الطرق التي تصل به إلى قصر الإتحادية.
التسجيل الصوتي «الصحيح» مع الزميل «ياسر رزق» الذي طلب السيسي من خلاله أن يتبنى المثقفون حملة تقود إلى صياغة مادة في الدستور الجديد يذكر فيها إسم السيسي في جملة قاطعة بأنه حال ترشحة لإنتخابات الرئاسة ولم يفز بها يعود إلى منصبه كوزيراً للدفاع وكأن شيئاً لم يكن، والأخبار المسربة عن طلب القوات المسلحة بمادة في الدستور الجديد بأن منصب وزير الدفاع محصن من العزل من قبل رئيس الجمهورية وأن المعني بتغيير وزير الدفاع هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة فقط... وهذا يعني أن الفريق يخاف من المسائلة... لذا فإما أن يكون السيسي رئيساً للجمهورية.. وإما أن يظل وزيراً للدفاع إلى النهاية !
خيانة السيسي ستكون بتقديم إستقالته كخطوة أولى لخوض الإنتخابات الرئاسية المقبلة وهذا بمثابة خطوة أولى تجاه السقوط في وساوس الشياطين «وإن كان هذا بناءاً على تفويض شعبي» لأنك بهذا ستخلف عهدك معنا حينما تعهدت «بأنك لم ولن تنتوي تكون رئيساً» .. فكما نعلم أن بداية السقوط هي إنكار العهود.