طالعنا السيد الأستاذ الدكتور أيمن فريد أبو حديد بحديث فى جريدة الوفد بتاريخ الثلاثاء 22 أكتوبر يشرح فيه سياسات وزارة الزراعة فى الفترة القادمة، وتطرق الحديث حول دور بنك التنمية والائتمان الزراعى ودوره الذى يتصوره السيد وزير الزراعة. وأفاد السيد الوزير أنه لابد من إعادة هيكلة البنك حيث أشار سيادته إلى أن البنك لابد أن يرأسه شخصية مصرفية يرشحها البنك المركزى، وفى نفس الوقت أن البنك لابد أن يكون فى خدمة الفلاح. وفى ذلك الحديث تضارب لأن فى معنى الحديث أن البنك سوف يكون بنكا تجاريا يعمل وفقا لآليات السوق فى تحديد أسعار الفائدة سواء للودائع أو القروض بينما على الجانب الآخر يكون فى خدمة الفلاحين، وهذا هو التضارب فإذا ما تم أن يكون البنك يعمل وفقاً لآليات السوق، فسوف يكون فى خدمة كبار الفلاحين الذين لديهم القدرة على التعامل مع البنك التجارى، الأمر الذى يؤدى إلى أن يخرج البنك من أحد أهدافه الرئيسية وهى التنمية الزراعية.
كما أشار سيادته فى الحديث المشار إليه إلى أنه فى خطة إعادة هيكلة البنك يقوم البنك بمعاونة الفلاح من خلال إنشاء شركات لها رأس مال تؤدى خدمات للفلاح، وتكون مملوكة للبنك، تكون مسؤولة عن توريد السماد والقمح للفلاحين وتأخذ قرضا من البنك، وتقوم بتسديد ذلك القرض. فى بادئ الأمر أود أن أشير إلى تعامل البنك مع مؤسسات بدلا من أفراد هذا ما كنا ننادى به منذ فترة وتلك سياسة حميدة فى حد ذاتها. ولكن والتساؤل هنا هل تلك الشركات تستهدف الربح، وبالتالى هذا الربح سوف يكون من حساب الفلاح الذى تتعامل معه تلك الشركات. وما الفرق بين تلك الشركات والتعاونيات، ولماذا لا يتم تفعيل التعاونيات لكى تقوم هى بذلك الدور مع العلم بأن التعاونيات لا تستهدف الربح، ويمكن أن تقوم بذلك الدور ولا تورد القمح والسماد فقط، ولكن تقوم بتوريد جميع مستلزمات الإنتاج إلى الفلاحين وبالأجل أى يتم خصم قيمة تلك المستلزمات عندما يتم توريد المحصول وبدون فائدة مركبة، وليس هذا فقط بل يمكن لتلك التعاونيات أن تأخذ مستلزمات الإنتاج الزراعى سواء النباتى أو الحيوانى من شركات الإنتاج وعلى الأخص الأسمدة والأعلاف بأسعار المصنع الأمر الذى ينعكس على تقليل تكاليف الإنتاج على الأخص لصغار المزارعين، وبالتالى الاستمرار فى العملية الإنتاجية. مع العلم بأن يكون الضمان الذى يقدمه المزارع عند تسلم تلك المستلزمات هو المحصول وليس الأصل الإنتاجى من أرض أو وحدات حيوانية.
وهنا أود الإشارة إلى أهمية تحويل البنك من بنك تجارى كما يمكن أن يفهم من حوار السيد الوزير إلى بنك تعاونى يضم فى إطار الحركة التعاونية الأمر الذى يستلزم مناقشة قانون التعاون وإصدار قانون جديد للتعاون يستهدف الحفاظ على مصالح فقراء الفلاحين وصغار الحائزين وتحويل بنك التنمية والائتمان الزراعى إلى بنك تعاونى وليس بنكا تجاريا، حيث إن البنك التجارى لن يحقق مصالح صغار الملاك والفلاحين الذين يشكلون أغلب الفلاحين فى مصر وأغلب الحائزين للأراضى الزراعية فى الوادى والدلتا التى تنتج غذاء الفقراء من الحبوب والسكريات والزيوت والبقوليات.
فى نهاية الأمر فكل تلك كانت عبارة عن مجموعة من التساؤلات والاستفسارات التى أصرحها وعلى السيد الوزير توضيح ما جاء فى ذلك الحوار بجريدة الوفد حتى لا يكون هناك لبس فى الفهم وفى التفسير لهذا الحوار.
* أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء
عضو المكتب السياسى بحزب التجمع