لا أذكر أنى رأيتها يومًا «مكشرة»، فالضحكة لم تفارق ملامحها على الإطلاق.. لا أذكر أننى رأيتها منفعلة بزيادة أو بتزعق لأى حد على أى حاجة، فقد اعتادت أن تأخد الأمور ببساطة، وبضحكة تزيل الهموم فى أقل من ثانية.. أذكر جيدًا أنها أول من حدثنى عن الفن والفنانين، فأحببت الفن، وانبهرت بنجومه من حكاياتها عنهم.
أسمهان، حادث وفاتها فى أثناء تصوير فيلم «غرام وانتقام»، المخرج كان يوسف وهبى، قام بتغيير النهاية ليرى الفيلم النور، فأصبح آخر أعمالها.
عبد الوهاب فارس الأحلام، فرحتها عندما قابلته صدفة على باب إحدى السينمات فى أثناء حضورها فيلمًا له، أشاد بجمال طفلتها، والتفت إلى شخص كان يسير معه قائلا: «هم دول الأطفال اللى بجد مش اللى بتجيبهم لى فى الأفلام».
محمود المليجى، الطيب فى الحياة والشرير فى السينما، يقتل القتيل على الشاشة، لكنه فى الواقع يمشى فى الخير لا فى جنازته.
على الكسار، الصراع التاريخى بينه وبين الريحانى، ردهما على بعض من خلال الأعمال الفنية، كانت تنحاز بشكل كبير إلى الكسار فى حكاياتها، فكانت تراه من أهم الممثلين فى مصر.. ذهبت للسينما بصحبة العائلة لتشاهد فيلمه الجديد، شعر بعضهم بتردد من دخول الفيلم، كانت تقف معهم أمام شباك التذاكر وأمامهم بوستر الفيلم، فوجئوا جميعًا بالكسار يقطع البوستر، ويخرج برأسه منه ليكتشفوا أن البوستر كان يغطى وراءه شباكًا يقف خلفه على الكسار.. طلب منهم أن يدخلوا الفيلم على ضمانته، ووعدهم بأنه لو طلع وحش هيرجعلهم تمن التذاكر نفسه. فضحكوا جميعًا، وضحكوا أكثر فى أثناء مشاهدة الفيلم.
حكايات كثيرة لا تنتهى، ولو انتهت تستبدلها بحكايات الأفلام نفسها، فريد شوقى، «الأسطى حسن»، القناعة كنز لا يفنى، «النمرود»، عندما يسقط السقف على رأسه فى أثناء محاولته الانتحار، فيفاجأ بسيل من الأوراق النقدية، البطانية وسيلته للف الفلوس حول وسطه، «سلفنى 3 جنيه»، حماته وماتش البوكس، محاولاته المستميتة للحصول على التلاتة جنيه.
أذكر صوتها جيدا وهى تحكى، وأذكر أيضا معالم ذلك اليوم، يوم وفاتها، وأنا راجعة من المدرسة، تلك اللحظة التى توقفت فيها عن الحكى، فتوقفت معها تفاصيل كثيرة فى الحياة.
مرت الأيام والسنون.. قرأت واستمعت بعدها وشاهدت كثيرًا، لكن تظل حكاياتها الأقرب إلى قلبى، وتظل أجمل الأفلام تلك التى حكتها لى قبل أن أشاهدها..
عن جدتى أتحدث.. الله يرحمك يا حاجة
يا ترى لو كانت بيننا الآن كان انبهارها بالسينما ونجومها سيظل كما هو؟ ولّا كان هيبقى لها كلام تانى؟!