عندما تسوَدُ الأيادى وتُظلِم القلوب وتُغَيَّب العقول وتموت الضمائر وتهون الدماء وتُستباح الأرزاق وتُنتَهَك دور العبادة وتُصنَع الفتن وتُزَيَّف القيم ويُغتال الاستقرار، فاعلم أنك فى خطر، أهلك فى خطر، جيرانك فى خطر، أصدقاءك فى خطر، مجتمعك فى خطر، وطنك كله فى خطر، إذ كيف يمكنك أن تتعايش مع من يكرهونك أو تتكلم مع من لا يسمعونك أو تنتظر أملاً ممن قرروا أن يحولوا حياتك لكابوس رهيب؟ كيف تأمن على نفسك مع خونة استقووا بالغريب عليك وفضلوا السلطة عليك وتاجروا بالدين عليك وأهانوك وامتهنوك وسبّوك وكفّروك واستهدفوك فى بيتك، فى شارعك، فى سمعتك، فى جيشك، فى شرطتك، فى كنيستك، فى مسجدك، فى مصنعك...؟ إذا كنت تريد مصر لك فهم يريدون مصر لهم، إذا كنت تريد الحياة فهم يحببون الموت إليك أو يكرهونك عليه، لا تظن أن الحرب الدائرة الآن هى ضد الجيش المصرى أو الشرطة المصرية فقط أو ضد القضاة فقط أو ضد ثورة يونيو فقط أو ضد المحسوبين على نظام مبارك فقط، يا عزيزى الحرب الدائرة الآن ضد مصر كلها، ضدك أنت، لكى تبقى تدور فى المحل حتى تسقط ولا تقوم لك قائمة، لكى لا تهنأ بمصرك التى كم حلمت لها وتوضأت بترابها وتمنيت أن تكون أجمل بلدان العالم، الحرب الدائرة الآن ليست فى تفجير هنا وتفخيخ هناك ومحاولة اغتيال هذا أو ذاك وسطو وحرق وتعطيل للمرافق، هى ليست أحداثاً متفرقة بل إنها حرب حقيقية ومنظمة يخوضها ضدى وضدك جيش من المخربين تم إعداده جيداً، جيش له قيادة ومفكرون استراتيجيون ومحاربون وممولون وخطط وأهداف وميزانية وغرفة عمليات، يمكنك أن تراه بوضوح فى ضرباته التى يفاجئك بها يومياً، وإصاباته المباشرة لمرافقك، وإسقاطه للقتلى والجرحى، ونشره للحرائق، وتقدمه فى سبيل إرهابك وإرهابى لإرغام كلينا إما على الاستسلام لمشيئة الصهيونية العالمية أو عض أصابع الندم حسرة على الوطن الذى كان.
ربما تتهمنى بالمبالغة، لكن أرجوك أن تفكر قليلاً فى الكوارث التى تنهال على رأسك كل يوم، وتتساءل: هل تقع هذه الكوارث بالصدفة؟ هل يمكن النظر إلى كل كارثة منها فى معزل عن الكوارث الأخرى؟ هل يعقل أن يكون من يتورطون فى ممارساتها مجرد خلايا متناثرة أو جماعات متطرفة لا ينظمها ناظم ولا يربط بينها قيادة موحدة؟ بالطبع لا، فكل كارثة تقع شاهد على تصور كارثى أعم وأشمل، كل كارثة تقع شاهد على تخريب ممنهج تتسع رقعته تدريجياً وفوضى تتصاعد وتقترب بمصر خطوة خطوة إلى المستنقع الذى سبق أن سقط فيه العراق وتغرق فيه سوريا الآن وذلك من خلال المحاور التالية:
أولاً: إنهاك الأمن وتشتيته بتصعيد الهجمات ضده فى جميع أرجاء البلاد، على غرار تفجير مبنَيَى المخابرات الحربية فى الإسماعيلية ورفح، واستهداف إحدى دوريات التأمين بطريق الإسماعيلية- القاهرة الصحراوى، والهجوم على منفذ الجميل ببورسعيد، وتفجير كمين باسوس بالقناطر الخيرية، وكمين أعلى كبرى مسطرد بشبرا الخيمة، ومهاجمة أقسام الشرطة، واصطياد رجال الشرطة، ومحاولة النيل من حياتهم بداية من أصغر رتبة إلى وزير الداخلية.
ثانياً: شق الصف الوطنى سواء عن طريق المصالحة المزعومة وما سيترتب عليها من تأييد أو معارضة للفكرة من أساسها من داخل الحكومة أو من داخل الأوساط السياسية، أو بمحاولة إذكاء الفتنة الطائفية باستعداء الأقباط وترهيبهم ومهاجمة كنائسهم لإظهار الحكومة فى ثوب العاجز وإجبار الأقباط على استدعاء الخارج والاستقواء به.
ثالثاً: تحريض الطلاب على التظاهرات غير السلمية بزعم إعادة نظام الإسلام السياسى إلى السلطة بينما المقصود هو تعطيل الدراسة خاصة فى جامعة الأزهر.
رابعاً: تخريب مصر اقتصادياً سواء باختطاف السائحين وتهديد المنشآت السياحية، أو بالسطو المسلح على المصارف والبنوك، أو بإشعال الحرائق الهائلة التى طالت فى الأسبوعين الأخيرين العام والخاص مثل: «حريق الشارع التجارى بالمنزلة محافظة الدقهلية، حريق مصنع موفيكو بحلوان، حريق مصنع لتجميع وإعادة تشغيل مخلفات الغزل والنسيج بالمحلة، حريق مصنع أجهزة منزلية بأكتوبر، حريق شونة غزل فى دمياط، حريق مصنع للأحذية بشبرا الخيمة، وجملة حرائق بقويسنا بالمنوفية».. إذن عزيزى المواطن احذر، فالحرب شرسة وخسارتها سُتعَرِّض مصر للهزيمة بالضربة القاضية، احذر فجيش الإرهابيين إن تمكن من رقبتك فلن يرحمك ولن يقرأ عليك الفاتحة، احذر فلا تكن حجر عثرة فى دوران عجلة الإنتاج ولا مُنقاداً خلف أوهام الشرعية ولا متظاهراً من حَمَلة المولوتوف والخرطوش والأسلحة البيضاء ولا واحداً من أصحاب فتاوى القتل أو التحريض عليه.
إن مصر فى خطر، وجيش الأبالسة مدرب على الحقد والكراهية، وفى انتظار أن ينقض عليك، فأرجوك.. انتبه قبل فوات الأوان.