لم تكن مريم أشرف مسيحة «8 سنوات» شهيدة مذبحة كنيسة «الوراق» أول من استشهد، وأظنها لن تكون الأخيرة، برصاص الخسة والنذالة والغدر الوضيع، هى و«مريم» الأخرى التى تكبرها بأربعة أعوام، مريم نبيل فهمى «12 سنة»، وأدعو القارئ العزيز للمرور على المواقع الإلكترونية المسيحية ولعل أهمها «أقباط متحدون»، ليرى هذه الحالة من الحزن والغضب والألم لدى المواطن المسيحى، ولكن بقدر الغضب هناك حالة امتثال إيمانى رائع بعطايا ومنح وتجارب الله العظيم، هم يرصدون فى مواقعهم ويوثقون حكاوى الغدر بهم وبفلذات أكبادهم..
على موقع تاريخ الأقباط «عضمة زرقا».. يذكرنا محرر الموقع بحكاية الطفلة «ميسون» شهيدة كارثة «الكشح» عام 2000 وكانوا يظنونها أصغر شهيدة إرهاب حتى جاء من هو أصغر منها ضحية كارثة «الوراق».. يحكى المحرر «انتهى القداس يومها.. ولم تفطر الصغيرة بعد التناول وهى التى لم تكمل عامها الحادى عشر.. بل اختارت أن تذهب لأخيها عادل فى الغيط لكى تفطر معه ومضت إليه صائمة إلا من قليل من المياه..تجرى (ميسون) وتطارد الفراشات وتتأمل طيور الحقل، وتراجع الآية التى حفظتها فى مدارس الأحد.. لن تشغل بالها أن بلدها (الكشح) تعيش فتنة وأن البعض يتربص بالبعض الآخر.. فالموضوع تطور بسرعة لا يستوعبها عقلها الصغير.. وفى الغيط وقد أصبحت على مقربة أمتار من أخيها الذى يبلغ من العمر 23 عاما والمعروف عنه حب الصلاة والصوم، ورفضه الزواج لشوقه لحياة البتولية، وقبل أن تصل إلى أخيها.. كان الهجوم بالأسلحة على غيطهم، قتلوا من قتلوا وأصابوا من أصابوا.. وكان نصيب الطفلة ميسون رصاصة فى الرأس.. ولم تسقط الفتاة بل جرت حتى ارتمت فى أحضان أخيها الذى احتضنها، وربما ظن أن الإصابة بسيطة وربما أنقذها من يد الوحوش، وظن أن حضنه قد يقيها من الرصاص لكن الوحوش المعروفين بالاسم اقتربوا وأمطروا ميسون وأخاها بوابل من الرصاص، ليموتا معا..الشهيدة ميسون غطاس 11 سنة أصغر شهداء الكشح عام ٢٠٠٠ ضمن ٢٣ شهيداً قدمتهم الكنيسة القبطية فى بداية قرن ميلادى جديد..»..وبالمناسبة لم يصدر حكم ضد أى أحد من القتلة حتى الآن !!
وبمناسبة حادثة كنيسة السيدة العذراء بالوراق كانت لى مقابلة على هواء البرنامج الأشهر فى دنيا برامج السهرة حالياً «هنا العاصمة».. وبينما أنتظر للدخول إلى الاستديو دمعت عيناى، تعرض الشاشة مشاهد الجنازة المبكية، مع تقديم للحلقة للإعلامية الرائعة «لميس الحديدى» بقراءة أعمق للحدث، ومن بين ماقالت: «ارتدت (المريمتان) أجمل ثيابهما. ففى الأفراح تتباهى البنات بالفساتين والشرائط الملونة فوق الرؤوس. فواحدة طفلة، لابد أنها قد ارتدت فستاناً أبيض يشبه العروس، والثانية على أعتاب المراهقة، لربما ارتدت فستاناً ملوناً لتظهر شابة يافعة تنظر إلى المستقبل بأمل. لكن الإرهاب كان بالمرصاد لأحلامهما. ولا أظن أن صاحب الرصاصات الغادرة يعرف (المريمتين)، أو حتى يعرف السيدة كاميليا، 70 سنة، التى تتردد معلومات أنها أم العريس. لم تحتفل كاميليا بابنها، ولم يحتفل العريس بزفافه، فقد صوب الغدر رصاصاته الطائشة إلى من اعتبرهم (كفاراً). لا يهمه هنا إن كانوا أطفالاً أو نساء أو شيوخاً... لا يهمه إن كانوا فى حفل زفاف أو تعميد أوجنازة. ما يهمه هو أن يثير الفزع والرعب والألم فى نفوس هؤلاء (الكفار) بعد انتفضوا ضد (رئيسه)، والذين انتصروا لوطن ليس وطنه، والذين اتحدوا مع المصريين جميعاً ضد إرهاب الدين والفاشية باسمه..»..
وقلت لمحاورتى، إن مشكلة المواطن المصرى المسيحى يمكن مواجهتها عندما يقرر الشعب والحكام معاً أن هناك ملايين من المسيحيين يعيشون معهم فى تحاب وسلام، لكن ينبغى الإقرار بوجودهم.. المواطن المسيحى مش موجود فى إعلامه الحكومى أو الخاص إلا فى المناسبات والكوارث من باب تطييب الخواطر، بينما هناك المئات من البرامج الإسلامية..هل يمكن لى وأنا فى سيارتى أن أدير مؤشر الراديو فأجد ترنيمة مسيحية، ولا أقول برنامجا يتناول العبادات أو الطقوس، بينما هناك وعلى مدى 24 ساعة تواشيح وبرامج للفتاوى والتوجيه والحوارات الإسلامية.. المواطن المسيحى لا وجود له فى كتب التاريخ والقراءة الرشيدة فى مناهج التربية والتعليم.. 6 قرون هى زمن الوجود المسيحى الأول لا وجود لها.. هو مواطن لا وجود له فى معظم الفعاليات والأنشطة الإبداعية والثقافية!!
على موقع « أقباط متحدون» نتذكر مريم أخرى، الفتاة «مريم فكرى» شهيدة حادث كنيسة «القديسين» وكانت تقترب من يوم الاحتفال بزفافها قبل أن تغتالها فعلة خسيسة بتفجير كنيستها، وفى الذكرى الأولى لاستشهادها، قام مجموعة من الشباب بإبداع أغنية رائعة، غناء وألحان: على الألفى، كلمات: محمد السيد، بيانو ورؤية: شريف محسن، تصوير ومونتاج وإخراج: إبراهيم المصرى، وتقول كلمات الأغنية: بنوته زى القمر ملامحها لون الضى.. فى عينيها كان الأمل فى بكره الجاى.. كان قلبها جنة.. كان حلمه خير وسلام كان نفسه يستنى.. وتحققه الأيام.. الحلم جايز سهل.. مريم قتلها الجهل.. قال الأمل ممنوع مريم عروسة.. إنما زفوها بدرى ع السما وردة اتسرق منها الوجود.. بنهاية كانت مؤلمة.. مكنتش عارفة إنها فى العيد هيبقى جرحها.. والموت عريس مش منتظر.. والمهر كان من دمها.