هو مقال جدير بالاهتمام، ذلك الذى نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى للباحث إريك تريجر بعنوان «مصر تعد لدستورها القادم»، حيث يقدم فيه تريجر رؤية صادقة لما تقوم به مصر الآن من محاولة لبناء نظام ديمقراطى جديد، من خلال وضع دستور يؤسس للدولة الديمقراطية الحديثة التى يتطلع إليها المصريون.
وقد لا يبدو ما ورد فى هذا المقال جديداً لنا، فهو يقرر ما نعرفه بالفعل، لكنه فى إطار ما ينشر فى الولايات المتحدة، بل فى الغرب بشكل عام، يعتبر جديداً تماماً، وقد يكون بداية لتحول فى نظرة الغرب لمصر من الارتباط بالماضى ومحاولة الإبقاء عليه، إن لم يكن بإعادته، فعلى الأقل بضمان اشتراكه فى اللعبة السياسية القادمة إلى الاعتراف الصريح بالأمر الواقع والإقرار بأن هناك مرحلة جديدة قد بدأت فى مصر تقوم على خريطة محددة للمستقبل، اتفق عليها مختلف القوى الوطنية، وبأن مصر ماضية فى تنفيذها وصولاً إلى مجتمع جديد يختلف عما كان يسعى إليه حكم الإخوان.
ويخلص تريجر فى مقاله إلى المقارنة بين دستور الإخوان الذى سعى لتمكين اتجاه دينى كان قد بدأ الشعب يرفضه دون أن ينص على إجراء انتخابات جديدة، والدستور الذى تعكف عليه الآن لجنة الـ50، الذى يوضح تريجر أن إقراره فى الاستفتاء القادم ستعقبه انتخابات برلمانية ثم رئاسية تأتى بمن يختاره الشعب بإرادته الحرة.
ويقول تريجر إن تلك الإجراءات الديمقراطية ستفتح المجال إلى الاستقرار المفتقد، بينما أغلقها دستور الإخوان، فلم تجد الجماهير طريقاً للتغيير تسلكه إلا النزول إلى الشارع.
وربما كان أهم ما ورد فى المقال هو خاتمته التى تقول: «لهذه الأسباب فإن على الولايات المتحدة أن تشجع الحكومة المصرية على إنجاز الدستور الجديد، وطرحه للاستفتاء حتى يمكن إكمال خريطة الطريق للمرحلة المقبلة، كما أن عليها أن تشجع مصر على قبول الإشراف الدولى على الاستفتاء، وهو ما لم يسمح به محمد مرسى، مما سيزيد من مصداقية الإجراءات الانتقالية».
ثم ينهى تريجر مقاله قائلاً: «وأخيراً فإن على إدارة أوباما أن ترفع تعليق المساعدات العسكرية لمصر التى تم الإعلان عنها فى بداية هذا الشهر». آخذين فى الاعتبار ما لمعهد واشنطن من صلات قوية بالدوائر السياسية الأمريكية. هل يعتبر هذا المقال مؤشراً لتحول جديد فى السياسة الأمريكية، أم أنه مجرد صوت فى البرية لا يمثل إلا صاحبه؟