مها متبولي9 اكتوبر 2013 09:14 م
بدأت أحوال فضل شاكر فى التحول من فنان رومانسى رقيق الطباع إلى رجل آخر يهوى اقتناء الأسلحة بكل أنواعها، حيث راح يقتنى منها كل ما هو خاص ومميز، بل ويقوم بإهدائها إلى كل المحيطين به، ولم يكن فضل فى هذه المرحلة يخطط لاستخدام القوة فى مواجهة خصومه، وإنما يجارى أجواء الخروج على نظام الدولة اللبنانية، إلا أن هناك حادثة قد أثرت فى المطرب بشكل كبير، حيث قام ابن شقيق فضل بإصابة أحد أفراد الجيش اللبنانى، وتدخلت بهية الحريرى من أجل تسليم المعتدى للتحقيق معه، ووعدت فضل شاكر بأنه لن يحاكم، ولكن قضى الشاب أربع سنوات فى السجن، مما جعل المطرب يشعر بنوع من الاضطهاد والضعف، بالإضافة إلى رغبة كبيرة فى الانتقام ليس من خصومه «الشيعة»، وهم أساس أزمته بل أيضا الجيش اللبنانى الذى سجن ابن شقيقه، وقام بخداعه، ومن هنا حاول فضل أن يلجأ إلى خيار القوة، وفكر فى استغلال الأموال التى كسبها من الفن فى تأسيس ميليشيات مسلحة يطلقون عليها فى صيدا «شباب فضل» ويتم التمييز بينهم وبين ميليشيات الشيخ أحمد الأسير، ويتردد أن شباب فضل شاكر أكثر خبرة فى القتال بسبب قدومهم من مخيم «عين الحلوة» الفلسطينى ومنطقة التعمير التحتانى، وهى معروفة بالتشدد والتدرب على العنف، حيث تنتشر قيادات جند الشام والجماعة الإسلامية، وهناك من يؤكد أن المطرب المعتزل يقبع فى إحدى العمارات السكنية وسط حراسة مشددة من أنصاره، وأنهم شاهدوا ذلك قبل اختفائه بأيام قليلة.
اختفى فضل شاكر من بيروت فى ظروف غامضة منذ أسبوعين، ولم يعد ممكنًا الاتصال به أو العثور عليه وسط شائعات حول اختطافه أو تأجير بلطجية للتخلص منه إلا أن هناك من أكد من أصدقاء فضل أنه خرج من مطار رفيق الحريرى مغادرًا لبنان ومتجها إلى قطر، وأن النائبة بهية الحريرى قد بذلت جهودًا مضنية من أجل خروج آمن لفضل شاكر دون أى ملاحقات أمنية، ولكن مسئول السفارة القطرية فى لبنان قد أكد أنه ليست لديه معلومات حول لجوء فضل شاكر إلى العاصمة القطرية الدوحة، ولا يعرف بالضبط لماذا اختار فضل الاختفاء فى هذا التوقيت.
وكشف أحد جيران فضل فى صيدا أن مشكلة فضل شاكر قد تفاقمت بعد أن ظهر فى أحد الفيديوهات، وأكد أنه قام بقتل ثلاثة جنود من الجيش اللبنانى، وقد شكل اعترافه أزمة كبيرة، حيث صدرت ضده مذكرة توقيف ودعت بعض الصحف الموالية لحزب الله إلى ضرورة قطع لسانه بعد أن تطاول على الشيعة وحسن نصر الله، وحرض اللبنانيين على العنف.
ومن ناحية أخرى أكد البعض أن حزب الله قرر أن يتخلص من فضل شاكر بطريقة أخرى غير الاختطاف أو تصفيته، وأن هذا التطرف يأتى ضمن مخطط تقوم بتمويله جماعة الحرس الثورى الإيرانى، وبالتحديد فيلق القدس، وهو الأمر الذى جعل بعض القيادات فى لبنان يصدرون تعليمات مشددة بمنع بيع أى عقارات أو أراضٍ للغرباء، والوقوف فى وجه محاولات تشيع المناطق السنية.
التأثير السلفى
عاش فضل شاكر أسيرًا لظروف حياته فى ملجأ الأيتام، وتجرع دروس التطرف من شقيقه محمد، والذى احتضن بذور الانتماء إلى الإخوان فى البداية، ثم انتقل بفكره إلى جماعة جند الشام، حتى استقرت به الحال فى الجماعة الإسلامية وتنظيم القاعدة، ويقول زملاء فضل فى فرقته الموسيقية إن شقيقه محمد كان أكثر الناس تأثيرًا فيه، وأنه كان بمثابة الماضى، الذى يطارده، والضمير الذى يزعجه ويمنعه من النوم، وأنه طالبه بالاعتزال والتمرد على حياة الفن والفنانين، ولم يكن المطرب يمتلك إرادة قوية من أجل التصدى لهذه العملية الشرسة بل سرعان ما انهار، وكان مقتل ابن شقيقه هو القشة التى قصمت ظهر البعير، فقد كان فضل شاكر يعتبر هذا الشاب هو ابنه الروحى، وعندما لقى مصرعه فى معركة مع الجيش اللبنانى حول مسجد بلال بن رباح فى مدينة صيدا، قرر الفنان المعتزل أن ينتقم، وأخذ يعد العدة من أجل تصفية الحسابات، وانتقل من رجل عادى إلى درجة أشد خطورة وهى المشيخة القتالية، وواجه العالم العربى بلحية طويلة، وحزن عميق، وإحساس بالقهر.
ولا يعرف أحد أن فضل شاكر قد تحول إلى هذه الحالة تحت تأثير حادث قتل وأنه يعانى أزمة نفسية حادة، تكشف عن هشاشة تكوينه الإنسانى، الذى يدمر نفسه بنفسه، ويسعى أيضًا إلى تدمير الآخرين.
حزب الله والجيش اللبنانى يطاردان فضل شاكر
يتردد فى صيدا، وفى مخيم «عين الحلوة»، وحول منزل عائلة فضل شاكر فى حى «التعمير التحتانى» أن هناك مفاوضات تمت على أعلى مستوى من أجل نقل فضل شاكر إلى قطر، وأن الذراع الطويلة لتنظيم القاعدة تقف وراء هذا الأمر خاصة أن فضل شاكر، قد سافر إلى قطر قبل عام ونصف العام تقريبًا، وأقام فيها لمدة شهرين، بعد محاولات لتنسيق السفر والإعداد له، ولا شك أنه نجح فى إعادة المحاولة بمساعدة بقايا تنظيم القاعدة فى لبنان، وبمساعدة الشيخ أحمد الأسير، حيث إن فضل قد عاد إلى بيروت بعدأن استقر فيها، وكان ذلك من أجل أمر مهم، وهو بيع المطعم الخاص به فى صيدا، وبيع كل العقارات التى يملكها وتحويل أموالها بأسرع وقت ممكن، ولا يعرف حتى الآن، كيف خرجت أمواله وماذا فعله بها؟ إلا أن بيع لكل ما يملك كان تمهيدًا لخروجه دون أن يشعر به أحد، فهل يفجر فضل مفاجأة، ويعلن عن مكان تواجده، ويقطع الشك باليقين، أم سيظل حبيسًا لأفكاره وقابعًا فى مكان مجهول، خوفًا من ملاحقة حزب الله والجيش اللبنانى تساؤلات كثيرة تدور حول مصير المطرب المعتزل الذى حير جمهوره قبل خصومه، وتسبب فى أزمات سياسية طائفية كادت تعصف بوجه لبنان.