عودة محمودة وغير محمودة لقطارات السكة الحديد فى الوجه البحرى التى لم تعمل بكامل طاقتها، لكن المهم أن القطارات عادت تصفر، ولم ينلنا منها سوى الصفير فقط، كانت فى حالة مذرية من النظافة والصيانة والخدمات الواجبة، وكان من المفترض أن العاملين فى هيئة السكك الحديدية الفشنك سوف تدفعهم البهجة والفرحة بعودة العمل، كى يجهزوا القطارات تجهيزًا لائقًا بعد طول غياب، لكن من شب على شىء شاب عليه، إذ كانت القطارات كالمعتاد قبل الإيقاف قذرة والتكييف عطلان والبوفيه غير موجود من بابه، علمًا أن التذكرة مع كل هذه المنغصات لم يحدث بها أى تخفيض باعتبار أن القطار المكيف الذى ركبناه أصبح قطار درجة ثالثة بامتياز، وهكذا استغفلتنا الهيئة ذات الودن من طين وودن من عجين فى ما يخص الركاب، وحصلت أجرة غير مستحقة، وهنا يجد المرء نفسه أمام تساؤل هو ماذا كان يفعل عمال هذه الهيئة الخايبة طوال فترة إيقاف العمل على جميع خطوط السكة الحديد، ألم يكن من الأجدر أن ينتبهوا إلى الحالة «المنيلة» لعربات الركاب ومحاولة رفع كفاءتها وحتى لا ينساق الناس الطيبون لدعاوى ضيق ذات يد الحكومة الأكثر خيبة من هذه الهيئة، لأن عجز الموازنة وعدم توافر الاعتمادات قد تكون السبب فى عدم رفع كفاءة عربات الركاب المتداعية المتهالكة، وهذه الأوهام حول الميزانية كذب وادعاء وصهينة على خلق الله، فقد تصادف وصولى إلى القطار قبل الموعد بنحو ثلاثة أرباع الساعة، وهنا كانت المفاجأة عجيبة تدعو إلى العكننة، لأن الأسطوات والميكانيكية كانوا داخل العربة يصلحون الكراسى حتى يمكن الجلوس عليها، ولاحظت أن الأمر كان يتم بأدوات بدائية من نوعية المفاتيح التى يستخدمها بلية مساعد الأسطى عندما يجهز العربة للأسطى كى يقوم بالإصلاح، وللحقيقة فقد أنجزوا مهمتهم بسرعة ومهارة من يعرف أين العيب وكيف يمكن إصلاحه ولم يكن فى هذه المهمة أى تعقيدات تكنولوجية أو غير تكنولوجية، لكن اللافت أن يتم الإصلاح فى اللحظات الأخيرة قبل قيام القطار، وسط هرج ومرج من السادة المهندسين والملاحظين والمشرفين، حتى لا تكون الفضيحة بجلاجل، لكن ربك بالمرصاد، فقد داهم الوقت هؤلاء الكسالى المصابين بالبلادة فى هيئة السكك الحديدية البليدة بجدارة من ساسها لراسها، لأن المياه كانت «تدردب» كالسيل من سقف مقدمة العربة فى الجزء المخصص لدورة المياه، لذلك تفتق ذهن أحد الفراشين بوضع جردل، وليس فى الأمر أى مبالغة، لأنهم بالفعل وضعوا جردل تحت المنطقة التى تتساقط منها المياه، وأوقفوا أحد العمال بجوار الجردل حتى يقوم بنزحه وتفريغه كلما امتلأ، وكان قد نبه عليه قبل قيام القطار أحد الموظفين بأن هذا الجردل عهدة يجب أن يعود به من القاهرة، وللأمانة فقد أخلص هذا العامل المسكين فى أداء المهمة، ولم يدع المياه تفيض داخل الجردل، وطوال الطريق كان يقوم بتفريغه كلما امتلأ، أما المهم فى الموضوع أن تكييف العربة كان معطلاً طوال الطريق واستمتع الركاب بحمام سونا مجانى.
سؤال للسيد وزير النقل الموقر الذى أوجع دماغنا بأن القطارات ستعود إلى العمل عندما يسمح بهذا الأمن، وبالطبع يمتد السؤال إلى السيد رئىس الهيئة البليدة أين كنت معاليك يا سيادة الوزير طوال الأسابيع التى تم فيها تقييد حركة القطارات تمامًا؟ وأين كنت جنابك يا سيادة رئىس هذه الهيئة الطيشة طوال هذه الأسابيع؟ فهذه الفترة كانت فرصة لاحترام الركاب الذين يمنحون كلاكما المكافآت السخية للغاية كل أول شهر حتى مع توقف العمل فالضرائب لا تتوقف، ولأن الإصلاحات التى كانت تتم فى عربات الركاب فى اللحظات الأخيرة قبل قيام القطار تعنى أن سيادتيكما ومعكما كل موظفى الهيئة وعمالها كنتم تنعمون بالطناش فمثلاً مثلاً مثلاً ألم تعلن يا سيادة الوزير أن القطارات سوف تعود للعمل فى الوجه البحرى قبل ٤٨ ساعة من بدء تنفيذ القرار؟ فماذا كنتم تفعلون جميعكم طوال يومين إلى أن أفقتم قبل الموعد بساعة زمن يا جبابرة يا مفتريين، ألم يكن من الأجدى والأدعى احترامًا لذواتكم ولقيمة العمل وللركاب الذين من المفترض أنكم تعملون جميعًا لخدمتهم والسهر على راحتهم أن تهتموا طوال الأسابيع الماضية بالصيانة والإصلاح لأعطال لا تحتاج إلى موارد مالية وكل ما تحتاج إليه بعضا من ضمير، فالورش بها قطع غيار وكفاءات لا تجد إدارة معنية ومهتمة كى يتم الإصلاح دون حاجة للتلكيكات الوهمية بالحاجة إلى تمويل مالى.
لكننا نستطيع القول أهلاً بعودة السكة الحديد التى لا يستطيع راكبها الاستغناء عنها، رغم طناش الحكومة منذ أن تعرض رئىس الوزراء البركة هشام قنديل لحمام سونا السكة الحديد حتى رئىس الوزراء الحالى الذى يلاحقنا بسوء الأسعار واستكمال مسيرة فشل سابقيه.