أرسلت إلى أحد المسؤولين البريطانيين رفيعى المستوى، ممن قابلتهم فى لندن أثناء بعثة الدبلوماسية الشعبية الأخيرة، أخبار ذلك الاعتداء الآثم الذى وقع على كنيسة الوراق وراح ضحيته مواطنون أبرياء، كان من بينهم الملاك الطاهر الطفلة مريم.
وكان المسؤول قد حدثنى عن ضرورة احتواء الإخوان وسائر الاتجاهات الدينية كشرط لنجاح العملية السياسية، وقلت له: أنتم لم تعملوا على احتواء جماعة الـIRA الأيرلندية التى لجأت للعنف، ومع ذلك فإن السلطة السياسية عندنا أعلنت أكثر من مرة أن الباب مفتوح أمام هذه الاتجاهات للمشاركة فى العمل السياسى، لكنهم رفضوا ذلك، فيما عدا حزب النور، وفضلوا اللجوء للعنف.
وقلت للمسؤول: إن ذلك مرجعه سببان: أولهما يختص بطبيعة الجماعات السياسية ـ بما فيها تنظيم الإخوان ـ التى لا تعرف من السياسة إلا قليلاً، وهو ما ثبت بالدليل القاطع خلال حكمهم للبلاد، والثانى: أنهم مازالوا غير قادرين على استيعاب ما حدث من ثورة قام بها الملايين ضدهم يوم 30 يونيو، لقد قال الرئيس التونسى زين الدين بن على كلمته الشهيرة «لقد فهمت الرسالة»، بعد أيام من اندلاع الثورة فى بلاده وخرج، أما هم فمازالوا، بعد مرور أكثر من 100 يوم على الثورة، غير قادرين على الفهم، ويلجأون للعنف الذى درجوا عليه منذ نشأتهم عام 1928.
قال المسؤول: ألا تقومون بإلصاق كل الأعمال الإرهابية بالإخوان؟ هل هناك دليل مثلاً على أنهم مسؤولون عما يجرى فى سيناء؟
قلت: إذا كان هذا صحيحاً فلماذا هم فى الشارع يمارسون العنف وليسوا طرفاً فى العمل السياسى مثل حزب النور؟ لقد وجهت الدعوة للجميع بلا تفرقة، ثم إن الدليل على مسؤوليتهم عن العمليات الإرهابية التى تجرى فى سيناء هم الذين قدموه حين أعلنت قياداتهم على شاشات التليفزيون أن ما يحدث فى سيناء «سيتوقف فى نفس الثانية التى يعود فيها مرسى للحكم»(!!)، ومع ذلك فأنا لا أتحدث عن سيناء وإنما عن الإرهاب الذى يرتكب بيننا فى سائر المدن المصرية.
قال: هى أحداث متفرقة قد لا تتكرر، قلت: بل هى منهج عمل وسيستمر.
ولم تمض ساعات على عودتى إلى القاهرة حتى وقع حادث الوراق الذى هز وجدان المصريين جميعاً، والذى سارعت بإرسال تفاصيله للمسؤول البريطانى فى لندن، كدليل على صحة ما قلته له.