قلنا ونكرر، إنه لا أمل فى إنجاز أهداف الثورة، إلا بسلطة تعبر عن الثورة وتنحاز لأهدافها وأشواق المصريين فى الحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى، وبتحويل تلك الشعارات إلى برامج عملية قابلة للتطبيق وفقاً لرؤية سياسية محددة وانحياز اجتماعى واضح.
وقلنا ونكرر، إنه لا حديث عن مصالحة إلا بعد المحاسبة وكشف الحقائق، وأن هذا لن يتحقق إلا بعدالة انتقالية تحاسب كل من أجرم فى حق الشعب المصرى فى جرائم قتل المصريين أو انتهاك كرامتهم أو نهب المال العام أو الإفساد السياسى.
وقلنا ونكرر، إن مواجهة العنف والإرهاب تحتاج لإرادة حاسمة ودولة قوية وتطبيق حازم للقانون، دونما استبداد، ودونما تراخى، وإن المواجهة الأمنية لازمة وضرورية، لكنها لا تكتمل إلا بمشروع وطنى سياسى اجتماعى اقتصادى بديل، يلتف حوله المصريون ويتمسكون به.
وقلنا ونكرر، إن بناء دولة الثورة يستلزم إصلاح مؤسساتها لا التغاضى عن عيوبها وغلق صفحة الماضى دونما محاسبة ومساءلة، وإن سيادة دولة القانون تعنى تطبيقه بحسم وعدل معاً على الجميع دون استثناء، وإن بناء دولة الديمقراطية يعنى الشفافية والمكاشفة والمصارحة وتكافؤ الفرص كمعايير ضرورية قبل الإجراءات الشكلية.
وقلنا ونكرر، إن استقلال القرار الوطنى واجب ولازم للنهوض بالوطن باتجاه المستقبل، لا أن يبقى أسيراً لإرادة أمريكا والغرب، ولا أن يرتمى فى أحضان الكيان الصهيونى، ولا أن نستبدل الدور القطرى والتركى بأدوار أخرى ونتصور للحظة أنها دعم ومساندة للثورة مجردة من الأهواء والمصالح.
وقلنا ونكرر، إن الثورة مستمرة، وستنتصر، وإن الاستقرار لا يتحقق إلا برضا الناس، ورضا الناس يستلزم الشروع الجاد فى تحقيق أهداف الثورة لا تأجيلها وترحيلها بحجة المواجهة الأمنية، التى لا ينفى أحد أهميتها وضرورتها، لكن لا يتصور عاقل أن تنجح فى إلهاء المصريين عن حقوقهم وحرياتهم، ولا يتصور عاقل أن تكتمل هذه المواجهة الأمنية إلا بتوازى المسارات والحلول السياسية والاجتماعية فى نفس الوقت.
لا نريد أن نحمل أحداً فوق طاقته، وندرك أن الوضع صعب، والأزمة الاقتصادية خانقة، والوضع الأمنى منفلت، لكن هناك إشارات ودلائل إذا ما كنا على الطريق الصحيح للثورة أم لا، نعم الوطن يواجه تحديات ومؤامرات، داخلية وخارجية، لكن أولويات السلطة، أى سلطة، فى هذه المرحلة، وأى مرحلة، أن تنحاز لهموم الناس، وقضاياهم اليومية، وأن تفرض الأمن بقوة القانون الرادع العادل، لا التهاون فى تطبيقه ولا التعسف فى استخدامه ضد الأبرياء بحجج هيبة الدولة والوضع الأمنى، وأن تؤمن أن الحرية هى السبيل لمواجهة التطرف، وأن مواجهة الاستبداد تبدأ بالديمقراطية، وأن التفاف الشعب حول السلطة يستمر ويكتمل بتحقيق إنجازات جادة على طريق العدالة الاجتماعية، وأن تفريغ شحنة الغضب واليأس والإحساس بالظلم يمر عبر تحقيق العدالة الناجزة التى يتساوى أمامها الجميع دون استثناء، وأن مواجهة خصوم وأعداء الوطن والثورة يكون بوحدة الصف والتقدم باتجاه مشروع الثورة حقاً وفعلاً لا التمسح باسمها وشعاراتها ولا بتشكيك الناس فيها وتشويهها.
قلنا ومازلنا نقول، وكررنا وسنظل نكرر، إن هذا أوان الانتصار للثورة، وإن هذا وقت بناء تنظيمها، وإن هذا وقت تقدم قادتها لملء الفراغ، وأن هذا الشعب مهما بدا ساكناً وصابراً، ومهما حاولوا تشويه وعيه وتضليله، ومهما حاولوا زرع الخوف فى النفوس، لن ينكسر أو يلين، قبل أن يصل بالثورة إلى السلطة، ولن يسمح باستبداد جديد، ولن يقبل بإعادة إنتاج معادلة تحالف الثروة والسلطة، ولن يتوقف عن السعى للحصول على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية، ولن ينخدع بشعارات الاستقلال الوطنى دون تحقيق مضمونها.
أفيقوا يرحمكم الله، وتقدموا لأداء أدواركم، وواجهوا الانحراف عن أهداف الثورة والاستبداد كما تواجهون الإرهاب والعنف، فكلاهما خطر على الوطن والشعب.