الفريق السيسى صار بطلًا قوميًّا.. زعيم تلتف الغالبية العظمى من المصريين حوله.. تثق به.. وتهتف باسمه.. وتشعر معه بالأمن والأمان.. أمر حلمنا به لسنوات وسنوات.. وربما لعقود وعقود.. أن تظهر فى مصر زعامة، يلتف حولها الشعب.. كنا دومًا نردّد أن ما ينقص مصر لتنطلق هو الزعيم.. ثم أتى الزعيم، والتف الشعب، ولأول مرة منذ زمن ناصر، حول زعيم.. وهنا بدأت الهرتلة.. الإخوان وأنصارهم كرهوا السيسى جدًّا.. أولًا لأنه أفسد مخطّطهم لمحو هوية مصر، وبيعها لأهلهم وعشيرتهم، ولم يخشَ تهديداتهم، بحرق وتدمير مصر، وانقض على خيانتهم، لينقذ مصر بهويّتها وحاضرها وأحلامها ومستقبلها منهم.. وثانيًا لأنه زعيم، وهم بغرورهم وجنونهم وغطرستهم يرون أنهم وحدهم يستحقون زعامة، لا ولم ولن يتأهّلوا لها، بفكرهم المتزمت، المستبد المتخلّف العقيم.. وثالثًا لأنه، بالشعب الملتف حوله قوى، لا قبل لهم بمواجهته.. ولأنهم منعدمو الفكر محدودو الرؤية، بدؤوا يتحدّثون ويهدّدون باغتياله، متصوّرين أنه مجرّد شخص، تمامًا كما تصوّر جون ويلكوكس بوث، عندما اغتال إبرهام لينكولن، فصنع منه رمزًا لأقوى دولة فى العالم، وحافزًا لها، للقضاء على كل أنواع وصور التعصّب الأعمى المجنون.. كل هذا مفهوم، ما دمت تفهم المنطق الإخوانى المريض المستبد.. ولكن على الجانب الآخر، هناك مَن لا يكره السيسى كشخص، ولكنه مصاب بعقدة كبيرة، اسمها حكم العسكر.. أصحاب هذه العقدة، كأصحاب أى عقدة، يعجزون دومًا عن التفرقة بين زمن مضى، وزمن حالى.. إنهم أشبه بامرأة تزوّجت رجلًا سيئًا، أذاقها الأمرّين، وبعد طلاقها منه، راحت تناصب كل مَن يشبهه العداء دون تمييز، سواء أكان يشبهه شكلًا، أو مهنة، أو حتى فى ملبسه!! ولأنها عقدة، فهى بلا منطق أو تفسير، اللهم إلا عند الأطباء النفسيين.. ولكن أغرب ما قرأته فى هذا الشأن، مقال غاضب (بلا مبرّر)، يتساءل: لماذا نمنح الفريق السيسى كل هذا الاهتمام؟! إنه لم يقم سوى بواجبه تجاه الشعب!!.. منطق عجيب، يشف عن العقدة، بأكثر مما يشف عن العقل.. فلماذا نكافئ سائقًا أمينًا، أعاد مبلغًا كبيرًا إلى صاحبه؟! أليس من واجبه أن يكون أمينًا.. ولماذا نكافئ طالبًا متفوّقًا؟! أليس من واجبه أن يكون مجتهدًا؟! بل ولماذا يدخل الله سبحانه وتعالى مَن يعملون عملًا صالحًا الجنة؟! أليس من واجبهم أن يعبدوا خالقهم عزّ وجلّ، ويطيعوه؟! ألا يعنى هذا أن كل مَن يؤدّى واجبه بأمانة يستحق التقدير، حتى من خالقه المعزّ المذلّ؟! أم أنها العقدة، التى تغشى البصر، وتعمى العقل، وتختم على القلب؟! الخدمة العسكرية أيها السادة شرف، فلا تحوّلوها إلى نقيصة، فقط لأنكم تعانون من عقدة نفسية تستوجب العلاج.. فى الدول المغرقة فى الديمقراطية، تعد الخلفية العسكرية شرفًا لكل مرشّح رئاسى، وفى بلدنا، وبسبب العقدة النفسية، نراها سبّة!! كلامى هذا لا يعنى أننى أنادى بالفريق السيسى رئيسًا، فهذا شأن يخصّه هو، ولكنه تحليل نفسى لعقدة عشنا فيها، حتى تملّكت منا، ولم نرغب حتى فى مواجهتها، فصارت تفوق العقل والمنطق فى كياننا.. والبناء الصحيح المتين، لا يمكن أن يبنى على عقد نفسية هشّة.. تخلّصوا من فوبيا الحكم العسكرى أولًا، ثم فكّروا بعقل، وإلا فما الفارق بينكم، وبين أمىّ، لا يقرأ ولا يكتب؟! وفى النهاية، دعونى أردّد نداءً سمعته أيام العيد.. «لو بتغيظ كلمة سيسى، طب سيسى سيسى سيسى».. ألف مرة.
عقدة السيسى..
مقالات -
نشر:
20/10/2013 1:25 ص
–
تحديث
20/10/2013 8:19 ص