لسنا فى حاجة لأن يرمى الفريق «السيسى» بياضه.. لسنا فى حاجة لأن يقدم عربوناً جديداً لمصر جديدة.. «السيسى» قدم لمصر أكثر مما كنا نتوقع فى 3 «يوليو».. ننتظر منه الكثير.. عندى فكرة كلما راودتنى أجلتها.. تصورت أن وقتها لم يحن بعد.. رأيت أن أعرضها الآن، قبل انتخابات الرئاسة.. الحكاية تتعلق بأراضى الجيش ومنشآته داخل العاصمة.. خاصة أنها أصبحت داخل كردون المدينة!
الفكرة هى إخلاء المناطق السكنية من منشآت الجيش، إلا ما دعت إليه الضرورات الأمنية.. أفهم أن هذه المنشآت كانت فى يوم من الأيام خارج الكتلة السكنية.. الآن أصبحت داخلها.. تحتل محاور أساسية وشوارع رئيسية.. أظن أنه من السهل نقلها خارج العاصمة، فى إطار خطة كبرى لإنشاء عاصمة جديدة على المساحة الخالية من مصر، وهى تزيد على 90 بالمائة منها حتى الآن!
لا أحد يستطيع أن يميز بين ما هو أراضى دولة وأراضى جيش.. هذه حقيقة.. يستطيع الجيش فى الصباح أن يضع يده على أى قطعة أرض، مهما عظمت، للمصلحة العامة، دون إبداء أسباب.. إذن الجيش يستطيع أن يأخذ مناطق بديلة لمنشآته، ودور القوات المسلحة جميعها، فضلاً عن أرض الكلية الحربية، وقاعدة ألماظة.. ما معنى أن تكون هناك قاعدة جوية داخل كرون المدينة السكنية؟!
أعرف أن هذه القرارات تحتاج لجرأة رجل فى وزن الفريق السيسى وشجاعته.. أعرف أن المسألة سوف تشبه ثورة أخرى، لا تختلف عن ثورة 30 يونيو.. أؤمن أن «السيسى» وقادة الجيش الآن يستطيعون.. إذا كانت القبائل سلمت أرض الضبعة للدولة والجيش، فلا أقل من أن يسلم الجيش أرض الكلية الحربية وقاعدة ألماظة للدولة.. مصر تستطيع أن تقدم ثورة أخرى، فى إدارة البلاد!
منذ ثورة 30 يونيو، تجتمع الحكومة مرات فى وزارة الاستثمار.. مؤخراً، تجتمع فى أكاديمية الشرطة.. النائب العام أيضاً يذهب إلى مكتبه فى التجمع الخامس.. إذن من الممكن أن نبدأ بشكل جزئى عملية نقل العاصمة.. ليصبح مقر الحكومة فى الأكاديمية، أو القرية الذكية.. مقار الوزارات تصبح فى المدن الجديدة، ولتكن 6 أكتوبر.. ساعتها يخلى الجيش منشآته لإنشاء مؤسسات بديلة!
الفريق السيسى قال لشيوخ القبائل: «إننا نواجه حرب شائعات وأكاذيب، وعلينا أن نستمر فى بناء مصر ومؤسساتها، ولا نلتفت إلى من يحاولون إضعاف ثقتنا بأنفسنا وعدالة قضيتنا».. وأقول له: قلت من قبل «مصر أم الدنيا.. وهتبقى قد الدنيا».. صحيح هى «أم الدنيا»، لكن لكى تبقى «قد الدنيا» نريد فعلاً على الأرض.. من هنا نبدأ البناء.. مصر ينبغى أن تثور على كل الأفكار التقليدية حالياً!
السؤال: لماذا يتظاهرون فى العباسية وصلاح سالم؟.. لأنهم يريدون شل حركة القاهرة.. لماذا يحاصرون مجالس الشعب، والشورى، والوزراء؟.. لماذا أقامت الحكومة، من قبل، أسواراً تمنع المتظاهرين من الوصول للمنشآت الحيوية؟.. أليس الأجدى أن يتم إخلاء وسط البلد؟.. أليس هناك مسؤول يستلهم روح الثورة؟.. حتى الآن لم نشعر بروح «يناير» ولا «يونيو» فى شىء!
لا أحتاج إلى الكلام عن الجدوى الاقتصادية لعملية الإخلاء.. لا أحتاج إلى الكلام عن الأثر النفسى والسياسى لقرارات بهذا الحجم.. يمكننا استخدام فوائض هذه الأراضى فى دعم ميزانية الدولة.. إذا أراد «السيسى» فليرم بياضه.. عليه أن يقدم عربون محبة جديدا، لمصر جديدة.. مصر هتبقى «قد الدنيا».. لو أردنا(!)