علمنا التاريخ أن لكل دولة رجالها الذين يحفظهم فى سجل شرف ليظلوا منارة تضىء الطريق لمن بعدهم، فيسجل لعبدالناصر تأميم قناة السويس ودحر العدوان الثلاثى، وبناء السد العالى بأيد مصرية ممثلة فى شركة المقاولون العرب وعثمان أحمد عثمان، ومن بعد ذلك ثورة تصنيع مصر بإقامة الخطة الصناعية الكبرى باقتصاد مملوك للدولة عرف بالقطاع العام الصناعى، الذى أصبح بعد ذلك منصة انطلاق للصناعات الثقيلة، مثل الحديد والصلب، والصناعات المتوسطة والخفيفة أيضاً التى شملت مصانع الألومنيوم والنحاس والكابلات والأسمدة والصناعات الكيماوية والهندسية والتعدينية مما حقق الاكتفاء الذاتى، والحفاظ على ثبات الجنيه المصرى لسنوات طويلة، وما كان لتلك النهضة الصناعية أن تتحقق لولا أن اعتمد فيها عبدالناصر والدكتور عزيز صدقى على كوكبة من المهندسين المصريين، الذين استطاعوا تطوير أنفسهم فى غضون سنوات قليلة ليصبحوا من الرواد الصناعيين بعد أن استكملوا مهاراتهم فى فنون الإدارة المالية والاقتصادية، وتطوير الأعمال، والتنمية البشرية المستدامة للكوادر الصناعية ،التى تشكل الكتيبة الصناعية، وقد عبر بنا التاريخ من عصر عبدالناصر الذى لم يمهله القدر ليعبر بنا من الهزيمة إلى النصر ليتولى بعده ابن مصر العظيم أنور السادات مرحلة الكفاح ليعبر بنا من الهزيمة إلى النصر، ويحرر قناة السويس منتصراً فى معركة الحرب، ويتبعها النصر فى معركة السلام، وكم كان السادات رائعاً عندما أعلن وهو فى زهوة النصر أن خطة العبور كانت من وضع الزعيم عبدالناصر، التى عرفت باسم «الخطة شرارة»، وأن كل ما فعله أن قام بتنفيذها، رغم أن الجميع يعلم أنه أدخل الكثير من التعديلات عليها، فكم كان السادات عظيماً فى تواضعه، وشموخ هامته.
وتبع ذلك النصر فى معركة السلام ليتحرر التراب المصرى بالكامل، نافضاً غبار الذل والمهانة عن جبين مصر، ليفتح الباب بعد ذلك أمام التنمية الاقتصادية عن طريق الانفتاح الاقتصادى بمفهومه الحديث، مطلقاً آلياته بالكامل من بنية تحتية، ومدن صناعية بلغت 54 مدينة صناعية إبان ذلك.
وما كان لهذه الانطلاقة الصناعية الثانية أن تحدث لولا عبور مصر من مذلة الهزيمة إلى كرامة النصر، الذى أعاد للشعب المصرى ثقته فى قواته المسلحة، وأعاد لمصر اسمها الضارب فى القدم، والمترسخ فى الحضارة مرة أخرى بعد أن كان قد فقد زهوته، التى اكتسبها على مر العصور.
ويسطر التاريخ الحديث فى سجل الخلود أسماء رجال صنعوا ملحمة العبور العظيم منهم:
■ المشير أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الحربية خلال حرب أكتوبر، صنفته مجلة الجيش الأمريكى كواحد من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكاً جديداً.
■ المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة شارك فى حرب أكتوبر 1973 قائداً لمدفعية الجيش الثانى.
■ المشير محمد عبدالغنى الجمسى، أستاذ العمليات، تم تصنيفه ضمن أبرع 50 قائداً عسكرياً فى التاريخ.
■ الفريق أول عبد المنعم رياض، بطل حرب الاستنزاف، وهو أحد الأعمدة الرئيسية، التى اعتمد عليها الرئيس جمال عبدالناصر فى إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية وحرب الاستنزاف.
■ الفريق أول محمد حسنى مبارك قاد القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر 1973.
■ الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية أثناء الحرب، ويوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم الناجح على خط الدفاع الإسرائيلى بارليف فى أكتوبر 1973.
■ الفريق فؤاد غالى اختاره القائد الأعلى للقوات المسلحة، الرئيس أنور السادات، قائداً للجيش الثانى الميدانى، تقديراً لقيادته العسكرية البارزة فى معركة تحرير مدينة القنطرة شرق، وأثبت كفاءة فذة، وألحق الخسائر الفادحة بقوات العدو، وحافظ على قواته سليمة فى أفرادها ومعداتها.
■ الفريق عبدالمنعم واصل كان له دور كبير فى صد الثغرة خلال معارك أكتوبر1973.
■ الفريق أحمد بدوى اشترك فى حرب أكتوبر قائداً للفرقة السابعة مشاة، حيث عبر من السويس إلى الضفة الشرقية، وحقق انتصارات عسكرية باهرة، اختاره الرئيس السادات قائداً للجيش الثالث الميدانى بعد مواقفه العسكرية البطولية.
■ اللواء محمد على فهمى كان قائداً لقوات الدفاع الجوى، وكان له دور كبير فى النصر عن طريق قيامه ببناء حائط الصواريخ.
■ اللواء كمال حسن على، مدير سلاح المدرعات، كان قائداً للفرقة 21 العسكرية المسؤولة عن إمداد الجيش المصرى بالدبابات خلال الحرب.
■ اللواء يوسف عفيفى تولى قيادة الفرقة 19 مشاة إحدى فرق الجيش الثالث، وعبر بها من السويس إلى سيناء يوم 6 أكتوبر 1973 وهى من أكبر الفرق العسكرية المصرية، التى قامت بعمليات هجومية واسعة، ومستمرة فى حرب أكتوبر المجيدة.
■ اللواء فؤاد ذكرى، قائد القوات البحرية، وهو المخطط لعملية المدمرة إيلات عام 1967.
■ عميد عبد رب النبى حافظ من قادة قواتنا المسلحة البارزين بعلومهم العسكرية، قام مع وحداته بالتصدى لموجات الهجوم الإسرائيلى المضاد ودحرها.
■ عميد حسن أبوسعدة هو القائد الذى حطم اللواء المدرع الإسرائيلى 190 بقيادة عساف ياجورى.
وكأن القدر يجدد لقاءه دوماً مع مصر كلما أحاطت المحن بهذا الوطن المبارك، وحاصرته الخطوب ظهر أحمس جديد ليوحد الصف، ويجمع الأمة لتستعيد مصر مكانتها المرموقة التى عرفها بها العالم قديمه وحديثه.
دامت مصر عزيزة برجالها، وأيضاً نسائها.