حاولت جماعة الإخوان، صباح أمس، إفساد فرحة المصريين بالعيد، ولكنها فشلت كالعادة، وكان الفشل الذى انتظرها هذه المرة هو ذاته الذى كانت تواجهه فى كل مرة سابقة، ومع ذلك فإنها، كما قيل عنها دائماً، لا تريد أن تتعلم ولا تريد أن تنسى، شأنها شأن «أسرة البوربون» الفرنسية الشهيرة، التى كانت قد حكمت فرنسا عند قيام الثورة الفرنسية عام 1789، فلم تشأ فى حينها أن تتعلم من تجاربها ولا أن تنسى، فاندثرت تماماً، وصارت من بين حفائر التاريخ!
كان فى إمكان «الجماعة» أن تتعلم من تجاربها على مدى عمرها، منذ نشأت عام 1928، بشكل عام، ثم منذ أزاحها المصريون عن الحكم، فى 30 يونيو الماضى، بشكل خاص، أن ما تمارسه مع الشعب المصرى فى عمومه لن يجدى، وأنه يستحيل أن يلتحق المصريون بالجماعة، لأن الطبيعى أن تلتحق هى بنا نحن المصريين، إذا أرادت، ولكنها رفضت ولاتزال، وكأنها تقود نفسها بنفسها إلى مصير «البوربون» وغير «البوربون» من الجماعات الهالكة!
وكان فى مقدور «الجماعة»، يوم 6 أكتوبر الماضى، مثلاً، أن تثبت أنها من المصريين، وأنهم منها، وأن عيدهم هو عيدها، ولكنها اختارت أن تبعث برسالة مناقضة لذلك كلياً، فى يوم ذكرى أكتوبر العظيم، فكان اختيارها الخالص هو أن تضع نفسها فى مربع لا يضع عاقل نفسه فيه تحت أى ظرف.. ولكنه كان اختيارها الذى سوف يكون عليها بموجبه أن تتحمل مسؤوليته كاملة أمام كل مصرى وطنى.
وبمثل ما بددت كل فرصة أتيحت لها منذ 30 يونيو فإنها بددت فرصة أخرى فى العيد، وإن لم تبدد فرحته لدى جماهير هذا الوطن.. فقد كان فى مستطاعها أن تدرك مبكراً أن الإفساد الذى ظلت تمارسه لأعياد وإجازات المصريين طوال شهور ثلاثة مضت يكفى ويزيد، وأن تدرك أيضاً أن صبر الملايين معها قد نفد أو كاد، ولكنها لم تفعل، وراحت تدعو إلى التظاهر فى العيد، وكأن تعكير صفو الحياة عند كل مصرى أصبح هدفاً دائماً لا يغيب عن عينيها!
وإذا كانت المبادرة التى تطوع بها الدكتور كمال أبوالمجد قد فشلت، بعد أن كان يريد بها أن يعيد ما تبقى من الجماعة الإخوانية إلى الصواب، فقد كنت مع غيرى نتوقع هذا منذ البداية لسببين أساسيين أولهما أن وساطة من نوع ما سعى إليه «أبوالمجد» لم تكن طبيعية ولن تكون، لا لشىء، إلا لأن الوساطة من هذا النوع تقوم بين ندين متكافئين، وهو بالطبع وضع غير حاصل فى حالتنا، لأننا أمام دولة بكامل أركانها، فى مواجهة جماعة خارجة عليها.
والسبب الثانى أن المبادرة إذا كانت تهدف إلى إلزام الإخوان بوقف التظاهر والعنف، فهذا معناه أن الذى يوقف العنف يستطيع فى أى لحظة أن يطلقه من جديد، وهو بدوره وضع لا تقبله أى دولة، فضلاً عن أن تكون هذه الدولة هى مصر، فى حق نفسها، ولا فى حق شعبها.
ولذلك، فإذا كانت هناك فائدة وحيدة للمبادرة، فهى أنها أثبتت بالتجربة أمام أعيننا أننا نتكلم مع جماعة تعيش خارج العصر مرة، وخارج اللحظة مرات.