فى هذه الأيام المباركة أقول لكل المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، كل سنة وأنتم طيبون متحدون وسطيون، لكنى سوف أخص بعض من أثروا فى حياتى وجعلونى ما أنا عليه بجملة كل سنة وأنت طيب، امتنانا وعرفانا وشوقا لجميل القول والفعل.. أولهم أمى، رحمها الله، حيث دخلت كلية الطب (رغم ميولى الأدبية) تحقيقا لرغبتها، ثم رحلت إلى بارئها وأنا مازلت فى السنة الأولى كأنما اطمأنت على حلمها، فهذه السيدة العظيمة، التى علمتنا جميعا أن ندافع عن الحق ولا شىء غيره وألا نخشى فيه لومة لائم، كانت قارئة فعلمتنى حب القراءة، كانت كالقاضى بين أهل منطقتنا تفصل بين المتنازعين وينزلون على حكمها الذين يعرفون عدله وحكمته، مازلت أعيش على فيض عقلها وقلبها رغم أنها رحلت وهى أصغر منى الآن، اللهم ارحمها واغفر لها.
أبى رحمه الله الذى علمنا معنى الدين الوسطى الحقيقى، دون تقعر أو تطرف، كان مثقفا كبيرا ويساريا من الطراز الرفيع وهو من شرح لنا كل نظريات الاقتصاد والسياسة، ونحن مازلنا صغارا وعودنا حرية التفكير، وأن الدين لله والوطن للجميع، كان يشرح لنا آيات القرآن الكريم بتخريجات رائعة ثم يعرج على رباعيات الخيام ليفسر ويحلل روعة الشعر والشاعر وكانت له تسمية لا أنساها يسمى بها هؤلاء الذين ابتلى بهم الإسلام من المتطرفين والمتشددين والمتقعرين، كان يسميهم (المتنطعين فى الدين)، صدقت والله يا أبى، ليتك كنت معنا لترى تنطعهم وكرههم لمصر وشعبها رحمك الله رحمة واسعة.
كل سنة وأنت طيب يا د. طه حسين الذى أنرت طريق العلم والمعرفة وكنت مبصرا بالقلب والبصيرة. أبى الروحى صلاح چاهين، البساطة الآسرة والحكمة البليغة وروح الطفل المدهش دوما. أحمد فؤاد نجم الذى علمنا ألا نخاف ونتمرد ونجاهد بقول الحق وأنك فى سجنك أكثر حرية من سجانك.. أم كلثوم وحليم، طفلة الغيطان ويتيم الملجأ، اللذان علمانى أنه لا شىء مستحيل بالصبر والجهد والعمل.. جمال عبدالناصر، الزعيم الحقيقى الحى فى قلوب كل أحرار العالم المسلم الحق رغم دعاوى البعض والغلواء.. يوسف إدريس الغاضب دوما على حق وفلتة زمانه فى القصة القصيرة.. محفوظ الكاتب المصرى المحفور على معابد الفراعنة.. جمال الغيطانى المستحق لنوبل لو كانوا يفهمون.. يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وعشقى الأول السينما.. نصر حامد أبوزيد وفرج فودة والسباحة ضد تيار التكفير والموت من أجل فكرة.. عبدالمنعم رياض والفريق الشاذلى.. شهداء الربيع العربى من الشباب الذين علمونا أن الكرامة أغلى من الحياة.
وقبل كل هؤلاء رسولنا الكريم أفضل خلق الله، الذى قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. أذكر بها من يقتلوننا ويرهبوننا باسم الدين. هؤلاء بعض من تذكرتهم فى تلك الأيام المباركة، اللهم تقبل منا خالص الدعاء، واحقن دماء المسلمين من الإرهابيين والقتلة باسم الدين.