توفى فى السابع من أكتوبر فى باريس فنان المسرح والسينما والأوبرا الفرنسى العالمى الكبير باتريس شيرو، وُلد 1940، ولم يكن الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند مبالغاً حين نعاه قائلاً: «إنه من أكبر الفنانين الفرنسيين الذين رفعوا رأس فرنسا فى العالم»، ولم تكن وزيرة الثقافة الفرنسية أوريلى فيليبيتى مبالغة حين قالت: «رحل أحد كبار فنانينا وجزء منا، لقد بنينا أنفسنا مع أفلامه ومسرحياته وعروض الأوبرا التى أخرجها، كان إنساناً رائعاً سخياً راسخاً فى موهبته ومبادئه».
كان شيرو فناناً درامياً شاملاً يكتب ويخرج ويمثّل للمسرح والسينما إلى جانب إخراج الأوبرات، وقد أخرج عرض الاحتفال بمئوية مهرجان بايروت للأوبرا فى ألمانيا عام 1976، وكان آخر عمل فنى قام به فى يوليو الماضى إخراج أوبرا ريتشارد شتراوس «الكترا» فى أوبرا باريس، وقد بدأ إخراج الأفلام عام 1974، وأغلبها عرض فى مهرجان «كان»، وهى: «زهرة الأوركيد» 1974، و«جوديت ثيربوفى» 1978، و«الرجل المجروح» 1983، و«فندق فرنسا» 1987، و«الملكة مارجو» 1993، و«الذين يحبوننى يركبون القطار» 1998، و«علاقات حميمية» 2000. وبينما لم يفز فى مهرجان «كان» الذى ينعقد فى بلاده، فاز فيلمه الأخير بالدب الذهبى، أرفع جوائز مهرجان برلين، عام 2001، كما فازت كيرى فوكس بجائزة أحسن ممثلة عن دورها فيه فى الدورة نفسها.
عندما كان يوسف شاهين «1926-2008» يعد لفيلم «الوداع يا بونابرت» عرض تمثيل دور بونابرت على جاك نيكلسون، ووافق، لكن وكيل أعماله رفض لأنه كان من شأن تمثيل نيكلسون للدور أن يفتح أبواب السوق الأمريكية لفيلم مصرى مشترك مع فرنسا، والشركات الأمريكية الكبرى لا تريد لأى أفلام غير أمريكية أن تأخذ من حصتها فى السوق، لكن باتريس شيرو وافق، وفتح الفيلم سوق فرنسا على مصراعيها لفيلم شاهين، وكان أداء شيرو لدور بونابرت مختلفاً عن أداء كل من سبقوه، فقد جعل منه إنساناً طموحاً، وليس البطل الخارق أو السوبر مان.
شاهدت أفلام الفنان التى عرضت فى مهرجان «كان» كما شاهدت فيلمه الأخير فى مهرجان برلين، ومن بين أفلامه التى لمست شغاف قلبى «الذين يحبوننى يركبون القطار» عن فنان يوصى أصدقاءه بركوب القطار لحضور جنازته فى باريس.. وقد حان موعد ركوبهم القطار.