بعد تهنئة أهلنا المصريين بعيد الأضحى المبارك رأيت من الواجب تقديم الشكر لجماعة «الإخوان المسلمين».. لا تندهش فأنا بكامل قواى العقلية، وأدرك مدى معاداة الجماعة لشخصى المتواضع، لكنى أشكرهم، فخلال المواجهة الراهنة، كشفوا لملايين البسطاء حجم المخاطر الكارثية التى كانت تنتظرهم، لو استمروا فى الحكم، ولأنهم أيضًا خلعوا الأقنعة لنعرف الصديق والعدو والمتاجر بقضية الأمة المصرية.
شكرًا للجماعة لأن إصرارها على اعتلاء ظهور المصريين والإصرار على إفساد فرحتهم، كشف لنا عن شخصية (جندى مصرى) أصيل بانحيازه لشعبه، نبيل حتى فى خصومته، لم ينزلق لمستنقع مهاترات لعبة الإخوان المفضلة.. أتحدث بالطبع عن الجندى عبدالفتاح السيسى، مُدركًا أن أحبّ الصفات لقلبه هى: شرف الجندية، ومعه كل قادة جيشنا الوطنى، الذين قدموا خدمة جليلة ليس لمصر وحدها، بل للمنطقة بأسرها، حين أفسدوا عملية إعادة رسم خرائط المنطقة، وفق مخطط أمريكى تآمرت فيه دول مثل قطر وتركيا، ومنظمات كالإخوان وفرعها الفلسطينى «حماس»، وما خفى كان أبشع.
سينزل «فلول الإخوان» يوم نشر هذا المقال، لإفساد بهجة العيد كعادتهم، وسينتهى بيوم دامٍ تتنافس فيه الفضائيات على تغطية المواجهات التى تُختزل فى النهاية لمجرد إحصائيات عن أعداد القتلى والجرحى والمنشآت والسيارات التى ستحرق، ورغم ذلك سيواصل الإخوان ممارساتهم الاستفزازية، رغم حالة الطوارئ التى دفعنا ثمن وصمتها الدولية، ومع ذلك لم تُطبق «حكومة الببلاوى» بندًا واحدًا، وكان بوسعها إصدار قرار بقانون يحظر التجمع والتظاهر والمسيرات.. قلنا ذلك مرارًا، وتعاملت الحكومة بأسلوب نظامى مبارك ومرسى: «خلوهم يتسلوا»، بينما تراهن الجماعة على الوقت، حتى يكفر الناس بالجميع، لأنهم لم يلمسوا تغييرًا يُذكر.
هل يحتاج الببلاوى وحكومته إلى إدراك جوهر «المعركة الوجودية» مع الإسلام السياسى؛ وأنها حرب حقيقية يشنها فلول المتأسلمين على الشعب ومؤسسات الدولة، وأنهم فى سبيل ذلك يخوضون مواجهات دامية على الأرض لاستنزاف القوات وكسب الوقت وإبقاء الزخم، ويشنون «حرب أفكار» عبر فضائية الجزيرة، وشبكة «رصد» التى تلعب دور الجزيرة عبر الإنترنت؟.
لن نقبل تبريرات، فهناك إدارة بوزارة الداخلية (المعلومات والتوثيق) مهمتها تتبع التحريض الإلكترونى وتحيل جرائم الشبكة للقضاء، وتُعلن للناس الحقائق مثل: موقع بث الشبكة، ومموليها والعاملين بها، وشخصيًا أعرف معظمهم وهم مصريون يقيمون بدولة عربية، ويدفعون بالمتدربين لتصوير المنشآت والأحداث بطريقة الجواسيس، وليس كصحفيين محترفين يعملون بتصاريح ووفق قواعد مهنية.
صحف تحريضية معروفة تُطبع بمطابع «الأهرام» ببساطة، رغم ممارستها التحريض الفجّ للجنود على عصيان أوامر قادتهم، وهذه جريمة تخضع لقانون الأحكام العسكرية، وليست حرية رأى، وتمر هذه الجرائم دون اتخاذ إجراءات قانونية، ولا أجد تفسيرًا لهذه «السلطة الرخوة»، فإن كانوا يخشون المجتمع الدولى فقد دفعنا الثمن.
نظام مبارك كان يُصادر السياسة، وبعد الثورة وجدنا أنفسنا أمام «فائض سياسى»، لا ندرك كيفية إدارته، خاصة فى ظل هشاشة المؤسسات السياسية، وبالتالى تعاظمت «سياسة الشارع» التى تمارس الاحتجاجات والتظاهرات.
أما استمرار العنف الراهن فيرتبط بثلاث مسائل: «المعركة الوجودية» للإخوان، و«معضلة الهوية»، و«هشاشة الأداء السياسى»، فضلاً عن أن المجتمع لم يتوافق بشأن منظومة سياسية ومرجعية دينية بعيدًا عن تجاذبات السياسة، وهو ما أدى لانقسامات عميقة، سياسية ودينية ووطنية وثقافية، واختلطت المفاهيم لدرجة تتطلب إعادة تعريفها بجهود متناغمة من الإعلام والتعليم والأزهر والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى، ناهيك عن سياسات رشيدة حاسمة، لإعادة تأهيل جيل أفسدته مؤسسات مبارك التى اخترقها الإخوان، الذين وصلوا للحكم وكانوا يسابقون الزمن لأخونة مؤسسات الدولة.
وأختتم بشكر الإخوان لأنهم وضعوا مصر أمام «لحظة فرز»، فعرفنا الكثير، والأيام المُقبلة كفيلة بكشف الأكثر، لكن ينبغى إعمال سيف القانون، فلم يبادر الإرهابيون خلال التسعينات لمراجعة أفكارهم إلا بعد حسم المعركة ميدانيًا، وقبل ذلك فحديث المبادرات والمصالحات لغو لا معنى له، فكيف أفاوض قاتلاً يرفع السلاح، ويستدعى القوى الخارجية، ويُشيع الفوضى وخلافه؟!.
وكل عام وأنتم بخير