الشهرة والمجد التي حققهما الفنان الراحل اسماعيل ياسين بين ابناء جيله من الفنانيين فاقت كل تصور، ما جعل منه محط انظار الكثير من المخرجين والمنتجين واصحاب الفرق المسرحية، كما ان انتشاره في الادوار السينمائية جعلت له حضورا طاغيا مميزا.
وكان امرا طبيعيا ان تصل شهرته الي الطبقة الحاكمة، ففي عام 1950 تم دعوة الفنان الراحل لالقاء بعض "المونولوجات" في حفل خيري لصالح جمعية مبرة محمد علي، وكان الحفل مقاما في ملهي (الاوبرج ) بالهرم، وكان مقررا ان يحضر هذا الحفل الملك فاروق وبالفعل حضر الحفل وطلب من احد رجال حاشيته بدعوة ياسين الي استراحة الملك بعد انتهاء فقرته في الحفل وذلك للترفيه والتسرية عن الملك ورجاله، وقال الملك لـ اسماعيل ياسين: "يلا بقي يا اسماعيل سمعنا نكتة جديدة".
ومن فرط دهشته وارتباكه من المفاجاة التي لم يكن يتوقعها، أو يحلم اصلا بالوقوف امام جلالته، بدا "ياسين" مضطربا في القاء النكتة قائلا: "مرة واحد مجنون زي جلالتك كدة"، ولم يكمل ياسين جملته، واذ بالملك يصرخ: "انت بتقول ايه يامجنون"، هنا ادرك اسماعيل ياسين فداحة الموقف فما كان منه الا ان سقط متظاهرا بالاغماء، واخذ في تمثيل دور المريض بالحالات العصبية الحادة، غادر الملك المكان غاضبا لمتابعة بقية فقرات الحفل، وان ظل بعض رجال الحرس الملكي لينفذوا العقاب الذي سيامر به الملك.
من جانبه، قام يوسف رشاد طبيب المللك الخاص، لتمرير هذا الموقف مدعيا ان اسماعيل ياسين مريض ويصيبه حالات من ضعف الذاكرة، ومن الاكيد انه فقد الادراك في هذا اليوم وهو في حاجة لان يقضي فترة تحت الرقابة الطبية لمعاجة هذه الحالة، وعلي اثر هذا قام الملك بنفسه بايداعه مستشفي الامراض النفسية والعصبية وامر بتوفير الدعم المادي وتسخير كافة الخدمات لاجله.
وبالفعل دخل ياسين المستشفي.. ومكث بها 10 ايام، وبعد انتهاء فترة علاجه التي حددها الملك وليس ادارة المستشفي، فوجئ ياسين بمندوب من المستشفي يطلبه بدفع مصاريف العلاج، فرد عليه منزعجا: "كنت اعالج علي حساب المللك"، والصحف نشرت ذلك، ولكن مندوب المستشفي اخبره بان الخاصة الملكية رفضت دفع مليم واحد وعليه بدفع المبلغ كاملا والذي تجاوز 200 جنيه والا سيحجز بالمستشفي لحين الدفع.. ودفع المبلغ مجبرا لانه خشي ان تتفاقم الامور.
وظلت هذه الذكري الاليمة تؤرق وتقلق اسماعيل ياسين، واصبح يكره سماع اي اسم من الاسرة المالكة او التواجد في اماكن تواجدهم، كان الهاجس الذي يؤرقه ان ينكل به في اي وقت من الاوقات، استمر في هذا القلق والرعب لمدة عامين الي ان قامت الثورة عام 1952، ورحل الملك فاروق وحاشيته من استراحة راس التين بالاسكندرية، وهنا فقط اطمان ياسين بعدم الغدر به.
ملك الفنان توازنه واستعاد قوته وتالقه من جديد.. وغني مهللا للثورة في الشارع بين الناس منولوج "عشرين مليون.. وزيادة" من كلمات الشاعر ( ابن الليل ) التي تقول كلماته: "عشرين مليون وزيادة.. كانوا عايشين هنا اموات..علشان حضرات السادة البهوات والبشوات".