أعلم أنك مثل عدد كبير ممن آمنوا بالثورة قد أصابك الإحباط نتيجة انقسام معظم المصريين بين مؤيد ومعارض وضياع أهداف ثورتك بينهما، أو قد يكون خوفك من شبح عودة دولة الإخوان دفعك للدفاع عن ممارسات أمنية كنت تقف دائما ضدها، أو خوفك من عودة نظام مبارك دفعك لدعم تحركات الإخوان الأخيرة وغض الطرف عن مظاهرها المسلحة.
دعنا نتذكر ما جعلك تنتصر منذ ثلاث سنوات عله يكون خير معين لك فى الأيام القادمة، خرجت منذ 25 يناير 2011 متجاوزًا الانحيازات الضيقة، وحلمت حلمًا بحجم الوطن، لم تقبل يومها الاختيار بين الثنائيات، إما الاستبداد أو الاستقرار، فلِم ترضى اليوم بأن توضع بين خيارين فقط إما عودة الإخوان ودعم مطالبهم أو عودة مظاهر دولة أمنية.
لم تخش أن تعلن رفضك لنظام كامل بالمخالفة لكل ما اعتدته ونشأت عليه، فلمَ تخش الآن أن تعلن بوضوح أن قيادات الإخوان يختارون الإرهاب طريقًا سواء الإرهاب المجرد الذى يحدث فى سيناء أو قرى الصعيد والذى أعلن أحد قيادات الإخوان أنه سيتوقف لحظة رجوع مرسى، أو من خلال تحركات مسلحة يتم إلحاقها بمتظاهرين بعضهم خرج يتظاهر سلميًا، ولم تخش أن تجاهر بمعارضتك القبض والقتل العشوائى، وتعلن أن القبض والقتل العشوائى لمواجهة تظاهرات حتى لو صاحبها مظاهر مسلحة يؤكد ما قلته سابقًا من فشل الأجهزة الأمنية فى مواجهة المظاهر المسلحة بأقل قدر ممكن من الخسائر، وهو ما يؤكده عدم قدرتها على تأمين الكنائس ومؤسسات الدولة فى ذات الوقت.
خرجت مطالبًا بنظام جديد يضمن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة لشعبك، ولم تخش الخيار الذى وضعك فيه النظام الأسبق بين الحرية والأمن، واخترت الحرية التى دفعت ثمنها من دمائك، والأمن الذى تستحقه ويستحقه شعبك سويًا، فلا تقبل الآن أن يحركك الخوف من عودة نظام مبارك فتصبح دمية يحركها الإخوان، أو أن يحركك الخوف من عودة الإخوان فتعين نظام مبارك على العودة، أنت بديلًا عن الاثنين، بديل أكثر إنسانية، وعندما يحركك الخوف تخسر معركتك قبل أن تبدأ، فلا تقبل أن تهزم نفسك بخوفك، فأنت تستحق الانتصار بيقينك وحلمك.
الإخوان ورجال مبارك ينتمون لنفس النظام، يريدون دولة الفساد والاستبداد والإرهاب، ويريدون حصر اختياراتك بينهما فكل منهما يعلم أنه حتى إذا خسر المعركة الحالية وانتصر غريمه وبقى النظام كما هو، فمازالت لديه فرصة ليعود إلى السلطة مرة أخرى، بينما إذا تغير النظام فلن يكون لأى منهما مكان ثانية.
أنت بديلاً عن اثنين، أردت دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة للجميع لا لأهلك وعشيرتك أو لحلفائك فقط، فأكمل مسيرتك كما بدأتها متجاوزًا الانحيازات المفروضة عليك، رافضًا الاختيار بين السيئ والأسوأ، فلم تقبل عصر الليمون باعتباره بديلًا أقل سوءًا، وإذا كنت ممن قبلوه فلا تكرر خطأك بعد أن عرفت نتيجته.
لا تخش أن تقف ضد الطرفين، فطريقهما وطريقك لن يتقاطعا، ولا تقلق من قلة عدد مؤيديك فدائمًا ما كنت تبدأ بعدد قليل جدًا من المؤيدين يزداد تدريجيًا حتى تنتصر فى النهاية، وقلة عدد المؤمنين بأفكارك لا ينال أبدا من صحتها، أنت البديل فأكمل مسيرتك، أنت البديل المنتصر.