
لم تنتظر نادية لطفي التكريم أو الشكر من أي جهة ولكنها هي وزملاؤها الفنانون ذهبوا إلى الجرحى بدافع شخصي وطني..
وفي أثناء انشغالها بهذا الدور الوطني اتصل بها عقيد من الشئون المعنوية بالقوات المسلحة يبلغها بأن السادات والسيدة جيهان يتقدمان بتكريمها مع مجموعة الفنانين الذين ساهموا في رعاية المرضي والجرحي ..وبالفعل قام السادات والسيدة قرينته بتكريمهما في حفل كبير حضره كبار الدولة والوزراء والسياسيون ورجال القوات المسلحة.
وفي واقعة أخرى توضح وتبرهن مدى اهتمام السادات بالفنان المصري وحياته الشخصية بعيدا عن الفن ومجالاته..فهو مؤمن أن الفنان لا يستطيع بأي حال من الأحوال الانفصال عن عالمه وواقعه الاجتماعي،ففي أكثر المواقف الدرامية التي تعرض لها الفنان صلاح منصور عندما كان نجله الأصغر "هشام" يحتاج لاجراء عملية جراحية هامة وحرجة بالعاصمة البريطانية لندن ..وبعد محاولات وصعوبات من الروتين والبيروقراطية .سافر منصور هو ونجله على نفقة الدولة،ولكن اجراء الفحوصات استغرق وقتا طويلا ما جعل منصور يحتاج لتجديد طلب العلاج بالخارج مرة أخرى.
وفي تلك الأثناء كان الرئيس السادات في زيارة إلى لندن..وصل إليه بعد جهد كبير من خلال الجالية المصرية هناك ..طلب منه هذا الطلب الذي وافق فورا عليه (شفاهة) وبلا تردد ونادى أحد مرافقيه ليقوم بتنفيذ الأمر..إلا أن ذلك لم يرق لمنصور ..واعترض بطريقته الجذابة المرحة وطلب من السادات أن يوقع على الورقة قائلا:"عندما يبرح الريس المكان..ويتحرك الموكب الرسمي لا أحد يعرف أحدا"..فابتسم السادات وأدرك ما يرمي إليه منصور..ووقع على الطلب..حتي يستطيع أن ينقذ حياة ابن صلاح منصور ويحاول ان يدخل عليه السعادة والفرح.
ولكن القدر كان أسرع من التوفعات والمحاولات ..فقد تدخل لينهي حياة الطفل هشام بعد اجراء العملية مباشرة ..وظل هذا الجميل عالقا بذكري الفنان القدير صلاح منصور حتي رحيله في 12 يناير عام 1979بعد 3 سنوات فقط من رحيل ابنه.
علي الجانب الآخر لم يكن السادات يسمح بأي تجاوز،فهو يدرك المواقف وتداعياتها..هو يعرف جيدا حيثيات وكواليس القرارات التي يتخذها...فكان الفنان عبد الغني قمر قد عرف بنشاطه السياسي،وقد عارض معاهدة السلام التي وقعها السادات مع إسرائيل..اعترض على بعض البنود..فعرضه ذلك إلى الاضطهاد ما دفعه بالهروب إلي العراق ..وهناك اشترك في فيلم "القادسية" عن دور "كانور الإخشيدي" بطولة الراحلة سعاد حسني واخراج توفيق صالح ولكن الفيلم لم يكتمل..وظل قمر بالعراق مطرودا حيث رحل عن عالمنا في 4 فبراير 1981.