ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

كارثة التعليم

-  
نشر: 9/10/2013 1:52 ص – تحديث 9/10/2013 9:00 ص

لماذا لا نشعر جميعا بالفزع؟ لماذا تبدو الحكومة وبالأخص وزير التعليم على هذا القدر من الثقة والثبات بما يقوم به؟ لماذا لم يشر أحد من المسؤولين الحكوميين من قريب أو بعيد إلى هذا التقرير الفاضح الذى أصدره المنتدى الاقتصادى العالمى، فهو لا يتحدث عن انخفاض قدرة مصر التنافسية فقط، ولكنه يشير إلى انخفاض كفاءة نوعية التعليم، ليس إلى درجة أو درجتين، ولكن إلى انحدارنا إلى المركز الأخير على مستوى العالم، وأن هناك دولا لم تكن فيها عملية تعليمية أصلا أصبحت تعلو عليها، الصومال الذى غرق، وما زال غارقا، فى حروبه القبلية، وسيراليون الغائبة فى مجاهل القارة السوداء، كلاهما صعد فوق مصر وحقق فى التعليم الأساسى مستوى أفضل منا. ليس من المهم أن يكون سبب ذلك الثورة الطارئة التى نعيش ظروفها المضطربة، أو أنه نتاج لجمود عملية التنمية والإفساد السياسى اللذين تواصلا على مدى 30 عاما، المهم أننا نعيش فى حالة من فقدان المستقبل، لا يجدى الحديث عن الديمقراطية، ولا النهضة الاقتصادية التى نتمناها، لأن الأساس فاسد، فالتنمية تحتاج إلى بشر، ولا يُصنع البشر القادرون على الفهم والعمل إلا داخل المدارس، المصنع الأول الذى يشكل عقول أولادنا وسلوكهم، وسيلتنا الأولى وربما الوحيدة للخروج من هوة الفقر والتخلف.

فى عام 1983 أصيبت أمريكا بالفزع، فقد نشر التقرير الذى أعدته لجنة من خبراء كان الرئيس رونالد ريجان قد أمر بتكوينها، وكان هدفها دراسة وتقييم العملية التعليمية فى البلاد، تكونت اللجنة من 18 عضوا من خبراء التعليم الحكومى والخاص، شريطة أن لا يكون وزير التعليم عضوا بها، ولم يجد واضعو التقرير عنوانا له إلا «أمة فى خطر»، فقد أحدث صدمة هائلة فى بلد كان يعتقد أنه الأفضل والأكثر تطورا فى العالم، كشف التقرير أن أمريكا تعانى من تدنى العملية التعليمية بالنسبة إلى الدول المتقدمة، فالمؤسسات التعليمية أقل تجهيزا من مثيلاتها فى اليابان وبعض دول أوروبا، وتدريس منهج «الرياضيات» كان فى مستوى أقل، وانعكس هذا على الطلبة الأمريكيين الذين كانوا يشاركون فى المنافسات التعليمية الدولية، فقد أصبحوا لا يحتلون المراكز الأولى أو الثانية ولكن التاسعة فقط وأحيانا الأخيرة، وتبين أيضا أن خُمس الطلبة هم الذين يمكنهم كتابة موضوع إنشائى مُقنع، والثُلث فقط يمكنهم حل مشكلة رياضية تتطلب عدة خطوات، وعلى حد تعبير التقرير: «لقد تآكلت الأسس التعليمية الحالية فى مجتمعنا، وإذا حاولت قوة أجنبية معادية أن تفرض على أمريكا أداء تعليميّا متوسطا مثلما هو موجود اليوم، فينظر إليه على أنه حرب ضدنا»، وإزاء هذا كان لا بد من تغيير نوعى فى العملية التعليمية، وأن تعاد صياغة المناهج الدراسية وفق منظور جديد، مثل وجوب تعليم الطلاب لغة أجنبية غير لغتهم الأساسية بدءا من المرحلة الابتدائية، وأن يكون طول اليوم الدراسى 7 ساعات، ويتكون العام الدراسى من 200 إلى 220 يوما، وأن تخف كثافة التلاميذ داخل الفصول، والأهم أن يرتفع راتب المدرس إلى مستوى يتنافس فيه مع المهن الأخرى.

أين نحن من كل هذا؟ وما نوعية المناهج التى يدرسها طلابنا؟ كم ساعة يقضيها الطالب المصرى فى المدرسة؟ ومن كم يوم يتكون عامه الدراسى؟

لا توجد إجابة معقولة غير خداع النفس، فالأسرة المصرية التى تدفع ربع دخلها سنويا من أجل التعليم هى الضحية الأولى لمنظومة تعليمية فاسدة، لا تجدى معها بعض إصلاحات عابرة، بينما هى فى حاجة إلى تغير جذرى، لو أننا ألفنا لجنة محايدة لتقييم التعليم المصرى، ماذا كانت ستقول، أمة فى خطر أو أمة فى كارثة، ماذا سيقول التقرير عن هذا المثلث الخطر الذى يحاصر الطالب المصرى، المدرسة والمدرس والدولة، هل يساعده على التقدم أم يهبط به إلى الحضيض؟

أولا: المدرسة.. مشكلة المشكلات، تعمل ابنتى رضوى فى مؤسسة تهتم بالأبنية التعليمية، وتقوم بجولات متواصلة فى مدارس مدن الصعيد وقراه المنعزلة، وما تشاهده هناك هو مأساة، فلا تكفى ما تعانيه من ضعف الإمكانيات والوسائل العلمية بسبب انخفاض الدعم والتمويل الحكومى للمدارس، ولكنها مبان طاردة للتلاميذ، بلا دورات للمياه، ولا أسوار، نوافذ الفصول بلا زجاج يقاوم برد الشتاء، والمقاعد متهالكة لا تكفى نصف الطلبة التى يلتحقون بها، الفصول المكدسة تجعل التلاميذ يقفون معظم الحصص حتى يحين دورهم فى الجلوس، وبذلك تحولت المدرسة التى كان من المفترض أن تكون نقطة مضيئة وسط هذه البيئة الفقيرة إلى مصدر خطر على التلامذة الصغار، وفى ظل الانفلات الأمنى الذى نعيشه تحولت المدرسة إلى هدف لهجوم البلطجية والمتعصبين، لم تعد المدرسة المصرية مرحبة لطلابها ولكنها أبنية مثيرة للإحباط والاكتئاب.

ثانيا: المعلم، القدوة التى انهارت، كانت ابنة أختى سوسن طالبة فى المدرسة الابتدائية عندما وقع الزلزال الشهير فى أوائل التسعينيات، إنها صيدلانية الآن، ولكن هذه الحادثة تركت أثرا لا يمحى فى شخصيتها، فور أن اهتز مبنى المدرسة تركت المعلمة الفصل دون مبالاة بتلميذاتها وأسرعت بالهرب، وعندما انهار الدرج المؤدى للطابق الأرضى وجدت الصغيرات أنفسهن محتجزات فى الأعلى، دون أن يوجد من يرشدهم أو يطمئنهم، هرب كل الكبار من المدرسة، صرخن وبكين دون جدوى، ولم يعد أمامهن سوى القفز فى المجهول، قفزت سوسن وكسرت ساقها وظلت عاجزة فى مكانها، وتناثرت حولها بقية التلميذات، منهن من كسر ظهرها ومن قطمت رقبتها ومن أصيبت بعاهة مستديمة، دلالة هذا الحدث البشع هو عدم الإحساس بالمسؤولية، ربما لم يكن كل المعلمين على هذا القدر من الأنانية، ولكن من المؤكد أن إحساس الغالب الأعم بالمسؤولية واهن جدا، فهم لا يدركون جسامة المهمة التى يقومون بها، وهم أدنى من أن توكل إليهم العملية التربوية، فإهمالهم داخلى وجشعهم فى الدروس الخصوصية يؤكد ذلك، لا أريد أن أكون مداهنا وأقول أن هذا ليس حكما عاما على الجميع، فالشرفاء منهم، الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه هذه العقول الغضة يساوى العدم، لقد انهارت أخلاقيات هذه المهنة العظيمة، فسبب الأجر الضئيل وكثافة الفصول وضغوط الحياة لم يعد المدرس ذلك النموذج القديم، ولا الشخص الذى نأتمنه على أولادنا.

ثالثا.. الدولة، ثالثة الأثافى: لقد صدع مسؤولو الحكومة رؤوسنا بالحديث عن الوجبة المدرسية والتكلفة الإضافية التى يسعون لتدبيرها، ثم تمخض الأمر عن وجبة متواضعة لن ينعم بها إلا عدد ضئيل من التلاميذ، لن تحل شيئا من المشكلة، ولن ترفع مصر من القاع الذى انحدرت إليه، فإنفاق الدولة لا يتجاوز 3.8% من الناتج القومى، وهذا هو سبب هبوطها إلى المركز الأخير، فالدول التى تحترم مستقبلها تخصص ربع دخلها على الأقل من أجل هذه العملية الحيوية، ولكن ما تفعله الدولة على مدى السنوات الماضية هو الاقتطاع من ميزانية الصحة والتعليم لتزيد من ميزانية الشرطة والجيش، تنزع أمن المستقبل والتنمية والخروج من التخلف، لتكسب للحاضر أمنا زائفا، وفى النهاية لا أدرى لماذا لا يشعر أحد بالفزع؟

التعليقات