ايجى ميديا

الخميس , 26 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

أديب الشباب

-  

فى منتصف السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات تقريباً، ظلت حوائط القاهرة، خاصة على خط مترو مصر الجديدة وعدد كبير من مناطق القاهرة وباب الحديد تتلون بكلمات دعاية وإشادة بأديب الشباب، وعناوين كتبه التى أصدرها، فضلاً عن التى يزمع إصدارها، وبدلاً من الإعلان عنها فى الصحف والمجلات تحولت حوائط القاهرة وبلون أحمر وخط غير جميل إلى موقع للدعاية وللإعلان عن «أديب الشباب» ونداء على من يسبح ضد التيار معه.. وفى بداية عملى بالصحافة كانت التحقيقات الاجتماعية تخصصى وشاغلى، واخترت أن أجوب كل محافظات مصر فى الشق الميدانى لهذه التحقيقات، وكانت المفاجأة أن حوائط مداخل معظم المدن امتلأت بنفس الخط ونفس اللون والكلمات عن أديب الشباب، وجدتها فى كوم أمبو ونجح حمادى وأسيوط والمنيا وحتى أسوان، فضلاً عن كفر الشيخ ودمنهور وطنطا والإسكندرية ومدن القناة، وبدا لى وقتها أن هناك أعواناً ومحبين لأديب الشباب فى كل مكان، ثم تبين أنه هو نفسه الأستاذ محمود عبدالرازق عفيفى، الذى منح نفسه هذا اللقب، هو من يكتب وهو الذى يسافر إلى هذه المدن ويجوب مصر للإعلان عن نفسه على الحوائط.

ربع قرن أو أكثر وهو مشغول بالكتابة على الحوائط، بعض هذه العبارات لاتزال موجودة إلى اليوم فى «باب الحديد»، وكنت أقول لنفسى لو أنه شغل نفسه بتطوير أدواته فى الكتابة والإبداع لكان أجدى له ولنا، ولكن هل جعلت منه الكتابة على الحوائط أديباً كبيراً، الأمر المؤكد هو صار أديباً بقدر ما تسمح به كتاباته وأعماله، ولم ينل اعتراف النقاد ولا الناشرين، فضلاً عن أننا كقراء لا نشعر بوجود أعماله ولا نعرف أين هو الآن؟.. ما نعرفه أنه أنفق وقته وجهده وماله على تلك الهواية، وهى الكتابة على الحوائط، وتحول إلى ظاهرة يدرسها الباحثون فى التحليل النفسى وعلوم الاجتماع ونعرف أيضاً أن السنوات والجهد الذى بذله فى ذلك ضعف السنوات التى قضاها نجيب محفوظ فى كتابة أعماله التى نال عنها «نوبل».

لم يكن أديب الشباب يكتب عبارات بذيئة على الحوائط ولا سباباً لأحد، بل كان ينتقى عبارات أدبية مثل: «من يسبح ضد التيار معى؟» ومثل «عفواً.. سيدى المسيح» ومثل «الكتابة على ورق بفرة» ولعل هذا ما دفع البعض إلى التعاطف معه واعتبار ما يقوم به أمراً فكها، لكن كل هذا لم يحقق له ما أراد وهو أن يكون أديباً كبيراً وروائياً عظيماً، لم تضف إليه الكتابة على الحوائط، بل ابتعدت به عن مجال الأدب وجعلت منه حالة نفسية واجتماعية تبحث وتدرس وليس ظاهرة أدبية.

أتذكر أديب الشباب وحكايته مع الحوائط والجدران وأنا أتابع كلمات بذيئة وعبارات سباب تليق بحوش بردق، وليس بأناس ينتسبون إلى فكرة دينية وإسلامية.

فى الإسلام قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وهؤلاء يلوثون حوائط القاهرة بكلمات بذيئة فى حق مسؤولين كبار وشخصيات رفيعة، مثل الرئيس عدلى منصور والفريق أول عبدالفتاح السيسى، وكذلك شيخنا الجليل الإمام الأكبر د. أحمد الطيب وقداسة الأنبا تواضروس، بعض العبارات فى حق فضيلة الإمام والبابا تدخل فى باب تعمد إحداث فتنة طائفية، بعض العبارات تتناول أعراض الأمهات بكلمات سوقية ومبتذلة إلى أقصى حد.

وعند بعض الحوائط اتجه آخرون لكتابات مضادة بجوار تلك البذيئة، وهكذا دخلنا حرب الكتابة على الحوائط وإشاعة الابتذال والسوقية، فى بعض الحوائط هناك عبارات تكشف الموقف الإرهابى الواضح، مثل عبارة «يتوقف الإرهاب حين يتراجع الانقلاب» وهذا تكرار لعبارة محمد البلتاجى الشهيرة التى ادعى فيما بعد أنها مفبركة، وهناك عبارة مثل «دلجا رمز الصمود»، أى أن المعنى الإرهابى موجود إلى جوار الابتذال والسوقية، وفى بعض الأماكن يقوم الأهالى بطلاء الحوائط فيعاودون الكتابة مرة ثانية، وفى تصورى أن هذه الكتابات تكشف مستوى من كتبها ومن وقف وراءها، هم أنصار القبح والبذاءة، إنها تدل عليهم وتكشف حقيقتهم.

لكن أعود إلى قصة أديب الشباب، ليس للمقارنة، ولكن للتذكرة فقط، لن تصل جماعة بلا إنجاز سوى الإرهاب والبذاءة إلى الحكم بهذه الكتابات، ولن يتقبلها الرأى العام تحت ضغط وإلحاح البذاءة والإرهاب، كانت البذاءة موجودة دائماً فى كل المجتمعات وطوال التاريخ، لكن مكانها دائماً هامش الهامش، وهناك هامش الفقراء والمستضعفين الذى تجد تعاطفاً واحتراماً، وهناك هامش الملفوظين أخلاقياً وسياسياً، وكل يختار ما يناسبه وما يليق به، لكن البذاءة والإرهاب لم تجعل يوماً لصاحبها حقاً يتصوره ويريد أن يُكره الآخر عليه.

اكتبوا ما شئتم على الحوائط، مثل مستويات البذاءة والإرهاب اللفظى، حتى لو استمر ذلك سنوات فلن يزيدكم ذلك سوى رفض وكراهية من المجتمع.

التعليقات