سئمت من كذبات جماعة الإخوان وأعضائها وأنصارها حتى باتوا مقتنعين بما يقولون وكأن من عاصر خيانتهم وتدليسهم وقتلهم للأبرياء وسجنهم للأطفال وتلفيقهم للقضايا قد مات ولم يعد هناك شاهد على قاذوراتهم التى أغرقوا البلاد بها ليدحض ادعاءاتهم المزيفة، بدءًا من ادِّعاء «إنها لله» وانتهاءً باستخدام كل أيقونات وشعارات الثورة، التى تنكروا لها من اليوم الأول ولم يشاركوا فيها إلا ليصلوا إلى السلطة، بما فى ذلك ارتداء قناع «فانديتا» والذى كانت صحيفة «الحرية والعدالة» قد نشرت موضوعا طويلا عنه، يؤكد أن من يرتدون هذا القناع، ينفذون مؤامرة، تابعة لـ«التنظيم الأناركى»! وأن المؤامرة موجوة فى فيلم «بى فور بانديتا»، وكان مقالا مضحكا، فبداية، اصطلاح أناركى يعنى الفوضوى أو اللا سلطوى، ولا يمكن أن تجمع الفوضوية فى تنظيم، ثانيا، الفيلم اسمه «فى فور فانديتا»، لكن يبدو أن كاتب المقال من الذين يقولون: بانيليا، وبارندا، والعقل زينة فى الباترينا.
إن كنت أحاول أن أوطن نفسى على عدم الاندهاش، فإننى لا أستطيع أن أقاوم الاندهاش من بعض من يدعون الثورية، طارحين فكرة «الحكاية مش إخوان»، ولكن «الثورة اتسرقت»، و«الدولة الأمنية تعود»، و«يجب أن نتوحد ضد العسكر». الآن للتو أقسم بالله العظيم إننى شعرت بالغثيان لمجرد تكرار الجمل التى يرددونها.
مبدئيا كده، الحكاية مش إخوان الحكاية: عودة الإخوان للسلطة. فالجماعة، وأنصارها، ومؤيدوها، ومن يقومون بدور الثوار من خلاياها النائمة، ومن يتقاضون منها الأموال لترديد هذا الهراء (ملحوظة: هذا ليس اتهاما جزافيا، فلى أصدقاء مقربون اتصل بهم الإخوان وعرضوا عليهم المال لترديد أن ما حدث فى مصر هو انقلاب، وقام أصدقائى بالرد على هذا العرض بذكر والدة المتصل بما لا يحب)، كل هؤلاء لو أن السيسى قرر الآن، فى أثناء كتابة هذه السطور، أن يستدعى قيادات الجماعة ويقول لهم: عفا الله عما سلف، ولكم البرلمان والرئاسة، وإطلاق سراح كل من يمت للجماعة بصلة، لكننا نحتاج إلى بعض المتهمين كى نحملهم المسؤولية، فمعلش اعملوا نفسكوا مش واخدين بالكوا ممن اعتقلناهم طالما أنهم ليسوا من الجماعة، فلن ترى كلبا من كلاب الشرعية ينبح فى الطريق، وسيسعه بيته، بل وحمامه، وربما كنيفه، ويا ريت عشان نشد عليه السيفون. ولو أن السيسى بعد هذه المصالحة والضمانات، قام بحملة أمنية واسعة يقبض فيها على كل من هب ودب بدعوى أنه متهم بالوقيعة بين الجيش والإخوان، وطبعا نظرية المؤامرة سوف تتحول فورا، وستصبح مؤامرة على الجماعة لإسقاطها وتوريط الجيش فى انقلاب، ولو أن قوات الأمن هدمت البيوت على أصحابها بهذه التهمة لما حركت الجماعة ساكنا، بل ولأطلقت الفتاوى المؤيدة، ولغنت «تسلم الأيادى»، ولرقصت على «نصرة قوية وفرحة هنية».
وكلنا يعلم ذلك بما فينا أعضاء الجماعة ولا أقول قياداتها فقط، بل إن من قتل أخاه فى رابعة مستعد لأن يفعل ذلك لو عادت السلطة للجماعة، وبالطبع لن تترك الجماعة، الأمر للجيش والشرطة للتعامل مع هؤلاء الخونة الذين تسببوا فى ساعة الشيطان بين الجيش والجماعة، ولكن ستنزل لتجامل بميليشياتها التى عاثت وتعيث فى البلاد قتلا وتعذيبا، ويتجاهلها من يرددون: «الحكاية مش إخوان».
حين يسألك أحد أعضاء حركة أحرار، اللى هم أصلًا «حازمون»، اللى هم أساسا إخوان، سؤالهم الممجوج المحفوظ الذى جاء بتعليمات من قياداتهم: كام واحد مفروض يموت من الإخوان عشان تنسوا خيانتهم فى محمد محمود؟ عليك الرد عليه فورًا: كلهم.. وبرضه مش هننسى. لأننا كنا فى الشارع وقت أن كنا نناضل من أجل حق المواطن فى حياة كريمة، ولم نكن نرغب فى السلطة، بينما هم خانونا وتسببوا فى قتلنا وقبعوا فى بيوتهم طمعًا فى السلطة، والآن هم ينزلون إلى الشارع ركضًا خلف السلطة، ونحن نجلس فى بيوتنا من أجل حق المواطن فى حياة كريمة، ولأن البلاد الآن لا تحتمل أى اهتزازات أو ارتجاجات تهدد حياة المواطن، ذلك.. لأننا ليس لدينا طمع فى السلطة. أما من يدعى أنه ليس إخوانا، لكنه ينزل فى مظاهرات تنظمها الجماعة، فأسأله: أى هدف تنزل من أجله سوى أن تعيد جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم؟
الحقيقة أننى لا أرى أوضع من أعضاء الجماعة، سوى من ينزل معهم، وهو ليس منهم ليعيدهم إلى الحكم. فكونهم يسعون طمعا فى السلطة فهذا مفهوم، لكن أى فائدة تعود عليك، وأن تقدم لهم ملكا لم يحفظوه كالرجال ويبكون عليه الآن كالنساء؟
وللحديث بقية للرد على ادعاءات سرقة الثورة وعودة الدولة الأمنية والتوحد ضد العسكر وغيرهم من افتراءات.