صارت كلمة «ثوار» من أكثر الكلمات ابتذالاً فى مصر بعد أن اخترق الصف الثورى وافدون جدد كل ما ينطقون به يشير إلى إعدادهم الجيد فى كواليس الظلام ليقوموا بدورهم ببراعة للإجهاز على الثورة عقب استبدال الثوار الحقيقيين بهؤلاء المدعين، بعد أن فشلت محاولات كسر الثوار، فتم اعتماد استراتيجية خلق البديل الزائف وتمكينه لإجهاض الثورة ووأد الديمقراطية.
الثوار الجدد لا يرون حرجاً فى انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، ويدافعون عن إهانة كرامة المصريين الذين ادعوا أنهم يناضلون من أجلهم.
يرون مبارك بطلاً قومياً، ويروّجون لبطولات وهمية له لتمجيده وتطهيره من قتله للمصريين مادياً ومعنوياً على مدار ثلاثين عاماً.
قالوا للناس «نحن صوت الثورة وأملها، ولن نخذل أحلامكم»، فإذا بالناس يكتشفون أنهم صوت الثورة المضادة ورأس حربتها.
نقلوا مقر إقامتهم ونشاطهم اليومى من مقاهى وسط البلد التى تمتلئ بالعاطلين والأرزقية إلى فنادق فاخرة لا يدخلها سوى الأثرياء، وبعد أن كانوا يتسولون المال من دكاكين النضال الحنجورى أصبحوا ينفقون بلا حساب دون أن يسألهم أحد: «من أين لك هذا؟».
حنينهم إلى شرق القاهرة يقلُّ بعد أن أصبح وسط القاهرة مصدر إلهامهم ونبع توجهاتهم، يتلقون التعليمات ليضبطوا البوصلة على وصلات نفاق وتلون وارتداد ثورى مرتدين ثوب الوطنية الزائف.
لا تعرف لهم وظيفة ولا حياة مثل الناس الطبيعية، فأغلبهم مجهولو الهوية وبلا جذور، اعتلوا الشاشات والمنابر فى خطاب ثورى حاد تحول الآن إلى انبطاح مدفوع الأجر أحياناً، وتطوعاً بلا أجر فى أحيان أخرى.
الثوار الجدد يؤيدون المحاكمات العسكرية للمدنيين ويرونها لا غنى عنها، ويرون أن الرافضين لها مخربون وكارهون للجيش وخونة.
الثوار الجدد لا مانع لديهم من هدم مدنية الدولة عبر الترويج لمواد بالدستور تعسكر الحياة السياسية وتأخذنا إلى مستقبل مظلم.
ثوار لاظوغلى يلقّبون «البرادعى» بـ«الهارب» بعد أن استقال لموقف أخلاقى ارتآه لنفسه، وحين تحدث البرادعى عن جهات تعبث بالوطن وتقوده للهلاك سلَّ هؤلاء الأقزام سيوفهم وألسنتهم عليه وتجرأ أحدهم – الذى كان أقصى أحلامه أن يصافح البرادعى يوماً ما – ليخاطب البرادعى قائلاً: «عليك أن تصمت، لقد صرت عامل هدم ضد الوطن، ومشاركاً فى التآمر ضده لصالح جهات أجنبية»!
ثوار لاظوغلى تعدوا مرحلة (ثوار ما بعد الثورة) الذين كانوا يزايدون على الثوار الحقيقيين ليشاركوا أبناء مبارك فى اتهامهم لثورة يناير بأنها مؤامرة، وأن أجهزة مبارك والعادلى لم تقتل خالد سعيد وسيد بلال وغيرهما، ولم يقتلوا المصريين فى جمعة الغضب ولا موقعة الجمل، وإنما قتلتهم كائنات فضائية حطت على أرض مصر وقتلت ثم عادت للفضاء.
ثوار لاظوغلى ليسوا بضعة نشطاء فحسب، بل منهم إعلاميون وسياسيون ورجال دين باعوا آخرتهم بدنياهم وجعلوا الدين بضاعة يبيعونها لمن يدفع أكثر ولمن بيده الصولجان، وفتاوى السلطان جاهزة لديهم يخرجون بها حين يشير إليهم!
الثورة ستنفى خبثها، وستثبت على الطريق قلة مؤمنة بالديمقراطية الحقيقية، ستظل تقاتل من أجلها ويلتف حولها الشعب مرة أخرى حين يفيق الناس من سكرتهم ويدركون أن «زيد» مثل «عبيد»، وأنهم لا يريدون هذا ولا هذا وإنما يريدون ما مات الشهداء من أجله: الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.