وفي هذا اليوم تسارع كبار كتابنا وادبائنا أخرجوا مافي جعبتهم من اروع وأغلي الكلمات ليعبروا بها عن جزء مما يشعرون به تجاه هذه المناسبة الخالدة، وقد تجلي وأبدع الشاعر ابن محافظة قنا مصطفي الضمراني فكتب الكثير والعديد من الأغاني الوطنية التي كان لها الفضل الأكبر في اشعال الحماسة وتوهج الهمم وتأجج المشاعر.
ويقول الشاعر الكبير مصطفي الضمراني عن أغنية (ما تقولش ايه ادتنا مصر)، والتي شدت بها الراحلة عليا التونسية، في كتابه الممتع الذي تعرض فيه لاهم كواليس مولد اشهر وأروع الاغاني العاطفية والوطنية.. يقول: "لقد بدأت الكتابة في هذه الاغنية قبل أيام من المعركة.. وقد أوحي إلى بكتابة هذه الاغنية خطاب الرئيس الراحل انور السادات في مجلس الشعب ودعوته للوقوف إلي جانب مصر في محنتها بعد هزيمة 67 ومساندتها لتحقيق النصر القادم".. قال السادات في خطابه التاريخي موجها كلامه للمصريين: (ما حدش يساءل مصر ادتو ايه.. أحنا نسأل انفسنا الأن ح ندي ايه لمصر لنرد لها اعتبارها).
وتابع الضمراني قائلا: "هزتني كلمات السادات.. وأثارت عروبتي ووطنيتي وبدأت تنساب الكلمات والمعاني تلقائيا وجاء مطلع الاغنية (مطلوب من كل وطني.. من كل وطنية.. ما تقولش ايه ادتنا مصر.. نقول ح ندي أيه لمصر.. ياحبايب مصر.. حبايبنا).
وقرأ الضمرانى مطلع الأغنية علي صديقه ورفيقه الموسيقار حلمي بكر الذي انفعل بالكلمات.. وكان هو الأخر قد استمع للخطاب وتأثر به ومسك حلمي بكر بالعود وبدأ يلحن الكوبليه الأول من الأغنية.
ويواصل الضمراني وصف ولادة الاغنية فيقول: "عندما بدأ بكر تسجيل المقطع الأول من الاغنية.. ظهرت المطربة التونسية عليا فجأة وطرقت باب الشقة وكأنها علي موعد مع الاغنية.. استمعت للاغنية من حلمي بكر.. انفعلت بها.. وبدأت في حفظها علي العود في بيت حلمي بكر.
وفي مصادفة أخري وكأنه علي موعد مع الاغنية ايضا طرق باب الشقة المخرج الراحل محمد سالم مراقب عام المنوعات انذاك، واستمع معهم للاغنية التي أثارت اعجابه، وطلب فورا تسجيل الاغنية بعد ان اتصل بمكتبه وطلب حجز الاستديو ويتصل بالموسيقار صلاح عرام رئيس الفرقة الذهبية ويطلب احضار 20 من كورال الرجال والنساء.
وأضاف الضمراني: "استمع محمد سالم في اليوم التالي ظهرا الي بيان عبور قواتنا المسلحة قناة السويس والفرحة تعم كل بيت مصري بل وفي العالم العربي.. وانتبه محمد سالم أنه سجل امس اغنية تتماشي مع النصر المظفر الكبير ويخرجها ممزوجة بلقطات حية من عبور الجيش المصري للقناة ورفع العلم المصري علي ارض سيناء.. وتذاع الاغنية (حبايب مصر) في كل الإذاعات العربية وتتحول إلي نشيد الصباح اليومي الذي يردده التلاميذ في جميع مدارس العالم العربي.
وسافر الضمراني ضمن وفد اعلامي إلي تونس بعد أيام من نصر اكتوبر وتكون أغنية عليا التونسية التي تم نقلها من تليفزيون وإذاعة القاهرة هي محور الحديث عن نصر اكتوبر وفرحة الشعب التونسي بهذا النصر.. وتنتقل عليا بهذه الاغنية إلي مقدمة صفوف المطربات والمطربين العرب.



