ايجى ميديا

الخميس , 26 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

الإعلام التعبوى

-  
نشر: 5/10/2013 2:20 ص – تحديث 5/10/2013 8:28 ص

يقومون بتدريسنا فى كلية الإعلام أن هناك أنواعا مختلفة من المدارس الصحفية، ومنها بالطبع الإعلام التعبوى الذى يقوم على أساس أن المهمة الأساسية لوسائل الإعلام ليست توفير المعلومة الصحيحة والدقيقة ذات المصداقية للقارئ والقارئة، لكى يشكلوا بعد ذلك رأيهم الخاص، ولكن انتقاء المعلومات التى يجب أن يعرفها القراء أولا، ثم استخدامها بعد ذلك لتوجيه الرأى العام لتبنى وجهة نظر النظام الحاكم، زعما بأن فى ذلك خدمة لمصالح الأمة والأمن القومى.

والأصل وراء طريقة التفكير هذه، قناعة النظم الحاكمة أن المواطنين أناس قاصرون، من الخطر أن يعرفوا كل شىء أو أن يترك لهم العنان لكى يفكروا بمفردهم. وبالتالى هم دائما يحتاجون إلى الوصاية، وأن تختار لهم الحكومة ما يجب أن يعرفونه ويتطلعون عليه. فالشوارع قد تكون مليئة بالمظاهرات والاضطرابات، والأوضاع الاقتصادية منهارة، ولكن فى الإعلام التعبوى ما يجب عرضه الأفلام الكوميدية، لكن لا ننغص على الشعب، وإنكار وجود مظاهرات أو أى اضطرابات من الأساس فى نشرات الأخبار.

بالطبع لا أحتاج أن أسهب فى الشرح، لأن الإعلام التعبوى هو ما اعتدنا عليه نحن المصريون على مدى العقود الخمسة الماضية، وتحديدا منذ أن قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم كل الصحف ووسائل الإعلام فى مصر فى مطلع الستينيات من القرن الماضى. منذ تلك اللحظة، تحول كل الصحفيين فى مصر فجأة إلى موظفين. والموظف لا يبدع، ولكنه يتلقى أوامره وتوجيهاته من مديره فى العمل. ومن يخالف الأوامر تتم معاقبته، ليس فقط بفصل أو منع من العمل، ولكن الأمر يتضمن أيضا التشريف فى السجون لفترات متفاوتة.

وفى إحدى المرات، شاركت فى حلقة تليفزيونية مع أستاذ من كلية الإعلام صاح فى وجهى، وتطايرت كل أنواع القذائف من فمه تجاهى، عندما اعترضت على مطالبته بما وصفه بـ«التربية الإعلامية»، وصممت على أنه لا يوجد شىء اسمه تربية إعلامية من الأساس، وقلت إن شعبنا المصرى لم يعد قاصرا ولا يحتاج إلى تربية، بل يحتاج إلى معلومات صحيحة لكى يفكر بنفسه ويتخذ قراراته، تماما كما هو الوضع فى أى دولة تدعى التمسك بالحد الأدنى من الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير. وقمت بتذكير الأستاذ الجامعى المتجمد فى العصر الستينى أن تكتيكات الإعلام التربوى التى يتعصب لها لم تعد مجدية فى عصر الإنترنت والفضائيات الحالى من الأساس، لأن المعلومة التى يريد النظام القمعى إخفاءها عن شعبه، سيتمكنون من معرفتها سوءا عبر قنوات أخرى أو من الشبكة العنكبوتية ومحركات البحث.

وكنت اعتقدت خطأ وسذاجة بالطبع أن تحرير الإعلام من سيطرة الحكومة والتوقف عن لعب دور التعبئة والتوجيه سيكون من ضمن أهم أولويات مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011. ورغم أن الإعلام نال مساحات واسعة غير مسبوقة من الحرية بعد الثورة، فلقد بقى المجلس العسكرى ومن بعده الإخوان مصممين على الاستمرار فى السيطرة على وسائل الإعلام الرسمية من صحف وتليفزيون، لأنها أدوات مهمة ومؤثرة فى عملية التوجيه والتربية والتعبئة التى لم يرغبوا فى التخلى عنها، وذلك على الرغم من التمرد الواضح للعاملين فى تلك المؤسسات على استمرار نفس النهج القديم، لأنهم أيضا يتطلعون للحرية والخروج من طوق الموظفين.

المؤسف أنه وبعد موجة الإرهاب التى انطلقت فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة فى 14 أغسطس، وسقوط مئات القتلى والجرحى، ورفع شعار «مصر تحارب الإرهاب»، لم يتم العودة فقط إلى استخدام الإعلام الرسمى فى عمليات التعبئة على نطاق واسع، سواء من خلال نشرات الأخبار والبرامج الحوارية أو الأغانى والإعلانات الموجهة، ولكن الإعلام الخاص أيضا بات يتعرض لضغوط كبيرة تدفع الجميع الآن إلى اللعب على نفس النغمة وترديد نفس الحجج وإخفاء الحقائق والمعلومات.

والمسألة لا تتعلق فقط بحالة سيولة تسمح لكل من يريد التشويه والكذب القيام بما يشاء، ولكن اعتبار أن الكذب وإيراد معلومات خاطئة تماما ولا أساس لها من الصحة مسألة مقبولة بل ومطلوبة ومشروعة فى إطار عملية التعبئة والتربية. وربما نكون الدولة الوحيدة فى العالم التى من العادى جدا أن يتهم الساسة بعضهم بعضا فى وسائل الإعلام، وطبعا المتحدثون باسم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية من المتقاعدين الذين يزعمون أنهم ينقلون معلوماتهم عن مصادر «سيادية» لن يفصحوا عنها بالطبع، بالخيانة والعمالة وتلقى الأموال من الخارج، ثم تسير الأمور بعد ذلك بشكل اعتيادى، وكأن الاتهام اقتصر على تبنى آراء خاطئة أو مخالفة للمتحدث.

أليس مثل هذه الاتهامات يا سادة وسيدات جرائم يلاحقها القانون ويستحق مرتكبوها أشد أنواع العقاب الذى يصل إلى حد الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة؟ كيف إذن تصبح تداول اتهامات العمالة والخيانة والتجسس شائعة بمثل كل هذه السهولة؟ والأسوأ بالطبع أنه يتم الاستمرار فى ترديد هذه الاتهامات بشكل متكرر وممنهج، حتى يقتنع قطاع كبير من الرأى العام بصحتها، بينما يبقى العملاء والخونة والجواسيس طلقاء فى الشوارع، بل وربما أحيانا يكونون من ضمن يلتقى بهم كبار المسؤولين فى الدولة.

نعم نواجه مخاطر إرهابية حقيقية، ولا شك فى ذلك، ولكن المخرج والحل لن يكون الإعلام التعبوى أو توجيه الاتهامات إلى المعارضين بالخيانة. بل إعلاما يناقش مشكلاتنا وواقعنا بكل صراحة، ويتعامل مع المواطن والمواطنة باحترام، وليس أنهم قليلو التربية، قد يكون عاملا مساعدا فى العثور على حلول حقيقية، وكأن ثورة لم تقم.

التعليقات