سألنى مراسل الصحيفة الكندية: كيف تردون على من يقولون إن الشرعية قد أهدرت، لأن الصندوق الذى هو معيارها قد تم التراجع عنه؟ وهل يمكن أن يقوم أى نظام دون أن يستند إلى الشرعية؟
قلت: بالطبع لا، فالشرعية هى أساس الحكم، لكن لكل نظام مصدر للشرعية سواء كانت نابعة من عملية انتخابية، اختار بها المواطنون النظام، أو من حكم متوارث ارتضى الناس بمقتضاه ملكهم، كما ارتضوا مورِّثه من قبله أو وريثه من بعده.
وقد حدث عندنا أن تمت بعد الثورة عملية انتخابية وصل الإخوان بمقتضاها إلى الحكم، لكن قبل مرور سنة اكتشف الشعب خداع الحكم الذى منحوه ثقتهم، لكنه حنث بالوعد واستبد بالحكم، فسحب الشعب ثقته منه كما يحدث فى كل الديمقراطيات، وهو ما يسمى فى النظام الأمريكى Recall election وبذلك سقطت الشرعية عن ذلك الحكم.
أما مصدر الشرعية الآن فلم يعد صندوق الانتخابات الذى استخدم الشعب حقه الطبيعى فى العودة عنه، وإنما المصدر هو الثورة التى حدثت يوم 30 يونيو، والتى شارك فيها عشرات الملايين من الجماهير التى هى مانحة الشرعية فى المقام الأول.
إذن نحن الآن فى مرحلة الشرعية الثورية، وهو ما عرفته معظم بلاد العالم فى مرحلة ما من تاريخها، كما حدث فى فرنسا وفى روسيا وغيرهما، وإذا كانت وثيقة الشرعية فى الأنظمة المستقرة هى الدستور، فإن وثيقتنا التى عبرت عن إرادة الجماهير التى خرجت يوم 30 يونيو هى إعلان القوى الوطنية، الذى صدر يوم 3 يوليو، والذى حدد طريق المستقبل، محدداً الخطوات الكفيلة بإقامة نظام جديد يلبى تطلعات عشرات الملايين التى خرجت يوم 30 يونيو.
إن الشرعية الآن تنبع من ذلك الإعلان الذى سمى خريطة المستقبل، وإلى أن يقوم الدستور الجديد، فلن يكون هناك مصدر للشرعية غيره، ومن هنا فإن من يقفون ضد هذا الإعلان ويحاربون خريطة المستقبل هم الخارجون على الشرعية، ومن يهاجمون عملية كتابة الدستور الجديد الآن هم الخارجون على الشرعية، ومن يتصدون بالعنف والإرهاب لمحاولة بناء النظام الجديد هم الخارجون على الشرعية.
ثم قلت: إن من يتشدقون بالشرعية وهم يطلقون النيران ويقتلون الأبرياء، لا يعرفون الشرعية، لذلك لم يعرفوا كيف يحافظون عليها حين منحهم الشعب إياها عن طيب خاطر.