دعك من التفكير السيئ والمعانى غير المقصودة التى قد يوحى إليك بها هذا العنوان، فكّر فقط فى المعنى الحقيقى لثورة قامت.. ثم «قعدت» تانى، تذكر مشاعرك أنت شخصياً يوم 30 يونيو حينما فاضت بنا الشوارع بعد أن فاض بنا الكيل من مرسى وعشيرته، هل كنت معنا فى الميادين التى امتلأت، ناديت مثلنا بسقوط المرشد وحكم المرشد وظل المرشد وصباع المرشد، الذى كان يحتل قصر العروبة المعروف بـ«الاتحادية » وقتها؟
إذن.. نشّط ذاكرتك، «بيقولك مرة واحد ذاكرته خانته، فقتلها وانتحر»، استرجع لحظات القلق والانتظار التى مرت علينا بين يومى 30 يونيو و3 يوليو حين أعلن الجيش استجابته لثورة الشعب، فاكر كنا فرحانين قد إيه؟
طبعا واضح أننى لا أوجه حديثى إلى أحد من «ولاد رابعة»، لذلك أرجو منهم ألّا «يقرفونى» بتعليقاتهم على ما أكتب.
فقد كنا – نحن المصريين – سعداء بتصحيح مسار ثورة يناير لنتخلص من هؤلاء المحتلين المدعومين من أمريكا، لتنفيذ خطة تقسيم الوطن، وبدأت فى هذه الفترة – لو لم تخنك الذاكرة – تسريبات عما تم اكتشافه من جرائم كان رئيس الجمهورية الإخوانى المعزول المحظور ضالعاً فيها، وأحيل بسببها إلى المحاكمة بتهم تتراوح بين الثراء غير المشروع والخيانة العظمى، وانتظرنا كثيراً ليخرج علينا أحد من السادة المسؤولين عن إدارة شؤون البلاد ليقدم لنا معلومات موثقة تسد رمقنا لمعرفة الحقيقة، معلومات تثبتنا على مواقفنا، ومستندات تدفع المخدوعين لإعادة النظر فى مواقفهم، علّهم يهتدون إلى الرشد، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل يحدث ما هو أسوأ، يحدث أن تطالعنا صحيفة يومية كل صباح بمقال لكاتب تعاقدت معه إحدى شركات العلاقات العامة الأمريكية ليكتب ضد الجيش مقابل 5 آلاف دولار، ولا يقترب منه أحد، ويحدث أن الدولة – بجلالة قدرها – ليست قادرة على منع بث قناة الجزيرة مباشر مصر، ويحدث أن هناك خطة منظمة لإنهاك الشرطة بعمليات إرهابية فى أماكن متفرقة، وجرجرتها من مستنقع رابعة إلى مستنقع كرداسة، ثم مستنقع ناهيا، بالإضافة إلى المظاهرات اليومية التى ينظمها أعضاء تنظيم الإخوان فى القاهرة والمحافظات، والتى تبلغ ذروتها فى أيام الجمع والعطلات الرسمية، لتظل لدينا مشكلة فى الأمن، وليزداد غضب الشعب الذى تصور أن ثورة 30 يونيو وضعت حداً لمعاناته من الانفلات الأمنى، وليطرح الشعب سؤالاً لا يجد له إجابة وهو:
لماذا فرضت حكومة الببلاوى الطوارئ إذا لم تكن قادرة على تطبيقها؟
طبعاً هذا بخلاف حرب الاستنزاف التى يخوضها الجيش فى سيناء، وما يبذله من جهود على الحدود الغربية مع ليبيا، فضلاً عن المشاكل التى سيواجهها من الحدود الجنوبية بعد أن تنجح «ثورة الهوت دوج» فى إسقاط نظام البشير، ففى سيناء لا نعرف على وجه الدقة ماذا يحدث هناك، فالقيادة العامة للقوات المسلحة لا تصدر بيانات يومية عن العمليات التى تنفذها، بمكاسبها وخسائرها باعتبارها تخوض حرباً مع عدو حقيقى، وتتركنا «نتنشق» على خبر من هنا ومعلومة من هناك، وقبل أن نبدأ فى تحليل المواقف يصدر المتحدث الرسمى نفياً للمعلومات التى «حفينا» حتى وصلنا إليها، ومن ثم تصبح بلا قيمة، ولا تمنحنا أى فرصة لنعرف أين نحن، وعلى أى أرض نقف.
وفى الوقت الذى ننتظر فيه مسؤولاً يأتينا بخبر، نفاجأ بالفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، ينشر «ذكرياته» التى فاجأنا فيها بأنه كان «صاحب أول طلعة ثورية فتحت باب الحرية»، وبعدها بيومين يصدر عصام العريان بياناً تليفزيونياً يحدد فيه شروط وقف مظاهرات الإخوان بعودة مرسى إلى القصر الرئاسى، ومحاكمة السيسى ووزير الداخلية وقادة الانقلاب.
طيب بذمتك ودينك يا أخى لما تقرا هذا الكلام، وتعيش وسط هذه الدوامة، ألا تشعر ولو للحظة بأنه «راجع بضهره»؟! والله يا أخى ياريته كان «انقلاب»