لا أنسى صورتين.. الأولى على حدود رفح بعد المذبحة.. الثانية فى المنطقة المركزية.. الصورتان فيهما الرئيس المعزول مرسى.. فى الأولى كان المشير طنطاوى قائد الجيش.. فى الثانية كان الفريق السيسى.. عندما قال مرسى للمشير طنطاوى: لازم تاخدوا بالكم، ولازم تجيبوا ثأر الجنود.. رد المشير ساخراً: آه طبعاً.. أومال إيه؟.. فى الصورة الثانية كان مرسى يقف كأنه متهم مقبوض عليه(!)
فى المشهد الأول، كان المشير يعرف أنها عملية مدبرة.. بعدها تخلص المعزول من المشير طنطاوى والفريق عنان.. ملامح المشير كانت تخفى حزناً كبيراً.. أصابع الاتهام تشير إلى تورط عناصر إخوانية مع عناصر حمساوية.. مراد موافى دفع ثمن معلوماته أيضاً عن المذبحة.. بالأمس أكدت المعلومات تورط البلتاجى وأسامة ياسين فى جريمة رفح الأولى.. تصور البلتاجى أنه أصبح قائد المخابرات!
هناك صورة أخرى أكثر إيلاماً للعسكريين.. أتحدث عن احتفالات أكتوبر 2012.. عندما ظهر قاتل السادات فى الصف الأول.. الصورة كانت لـ«عبود الزمر».. وهى الصورة التى حركت مشاعر شعبية وعسكرية.. عندها قلنا: «عليه العوض ومنه العوض!».. افتقدنا صورة الوطن.. نسينا ملامح مصر الحقيقية.. لم يكن مقبولاً أن تدور الأرض دورتها بينما مرسى فى الحكم، ونحن نحتفل بالنصر هذا العام!
شاءت إرادة الله أن يذهب مرسى من حيث جاء.. جاء من السجن إلى الرئاسة، ثم عاد كعابر سبيل إلى سجنه مرة أخرى.. دراما ما بعدها دراما.. كتبها المصريون بدمائهم.. لو بقى المعزول عدة أشهر أخرى لخرب مصر هو وجماعته.. سواء أمنياً أو اقتصادياً.. مرسى قال إنه جاء ليحكم 500 عام، فلم يحكم غير عام.. حظه فى كتب التاريخ سطر أسود.. كاد يقضى على شىء اسمه «الوطن»!
منذ شهور كنا نكتب: وحشتينا يا مصر.. لم تكن لدينا ملامح وطن.. هذا الإحساس هو ما يشعر به الآن أشقاؤنا فى تونس.. أرسل لى أحد الأصدقاء فيديو.. الفنان الكبير لطفى بوشناق يغنى ويبكى.. يقول: خدوا المناصب والكراسى لكن خلوا لى الوطن.. خلفه الفرقة الموسيقية تبكى.. الجمهور يبكى.. هكذا تونس الآن تعيش تحت حكم الإخوان.. تريد أن يكون عندها وطن.. إحساس عشناه منذ شهور!
هذا العام لن تجد «الزمر» فى الصف الأول، فى الذكرى الأربعين لنصر أكتوبر.. لن تجد مرسى نفسه، ولا المرشد، ولا الكتاتنى، ولا البلتاجى.. هؤلاء فى السجون حالياً.. هؤلاء لم يكن لهم دور فى النصر.. لم يدخلوا الجيش أصلاً.. مع ذلك أرادوا أخونة الجيش.. البلتاجى أراد أن يكون قائد المخابرات.. الشاطر أراد أن يكون الحاكم بأمره.. انتهوا بقدرة الله وإرادة الشعب.. أطاحت بهم ثورة «30 يونيو»!
ربما نشعر من جديد بفرحة نصر أكتوبر.. أولاً لزوال حكم الإخوان.. ثانياً لأن مصر عادت لها ملامح الوطن.. تخيلوا لو بقى المعزول وبقى احتلال الإخوان؟.. الخطة كانت تقسيم خمس دول عربية إلى 14 دولة.. لم تذكر الخطة تقسيم قطر إلى ثلاثة شوارع.. من بينها شارع للأمير.. تتبعه قناة «الجزيرة»!