أرسلت رسالة تليفونية إلى الأستاذ محمد سلماوى، المتحدث باسم لجنة الدستور، منذ بضعة أيام يقول نصها «أرجو مناقشة مسألة نوع وعدد المناصب المسموح لحزب الرئيس وحزب الحكومة بشغلها لتنفيذ سياستهما ليكون تنظيم هذا الأمر بنص صريح فى الدستور». لقد لاحظت فى كل ما ينشر عن الموضوعات التى تناقشها اللجنة غياب هذا الموضوع الذى أرى أنه أصبح موضوعاً مصريا حيوياً مع تطور العملية الديمقراطية وفتح الباب أمام أى حزب لشغل منصب رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة عن طريق الانتخابات. لقد قرأنا كثيراً أن من حق الرئيس المنتخب حديثاً فى الولايات المتحدة أن يغير شاغلى حوالى خمسة آلاف وظيفة عامة، وأن يوطن فيها رجاله القادرين على فهم سياساته التى انتخبه الشعب على أساسها والمؤمنين برؤيته السياسية والمؤهلين وظيفياً لشغل هذه المناصب.
إننى أطالب اللجنة بطرح الموضوع للنقاش، على أن يسبق ذلك تكليف خبراء مصريين فى النظم السياسية بإعداد ورقة بحثية تبين لنا البدائل المعمول بها فى هذا الشأن فى الدول الديقمراطية المختلفة، وهل يُنص على هذه البدائل فى باب نظام الحكم فى الدساتير أم يصدر بها قانون أم يتم حولها توافق عام يرقى إلى مستوى التقاليد الراسخة.
لقد آن الأوان لشطب مصطلح أخونة الدولة إذا فاز الإخوان مرة أخرى ومصطلح الوفدنة إذا حقق حزب الوفد فوزاً لمرشحه لأحد المنصبين الرئاسيين. طبعاً أنا أضرب هنا مثلاً بالأخونة والوفدنة بينما المقصود إلزام كل من يأتى للحكم من أى تيار سياسى أو أيديولوجى باتباع قواعد دستورية أو قانونية مكتوبة فى مسألة الاستعانة بكوادره فى إدارة الدولة أثناء فترة توليه الحكم. وإذا تبين أن مثل هذه المسألة لا تصلح بتفاصيلها كمادة فى الدستور فإننى أعتقد أنه من الممكن الاكتفاء بالنص على المبدأ والعدد الإجمالى للمناصب المسموح بها ونوعها ومستواها الوظيفى فى مادة دستورية مع إحالة التفاصيل والتنظيم الدقيق إلى قانون يصدره المجلس النيابى إعمالاً للمادة الدستورية. باختصار نريد مادة دستورية أو مادة زائد قانون يحددان نوع المناصب المسموح بها للحاكم الجديد بطريقة تراعى التوازن بين حقه فى الاستعانة بمن يعينونه أكثر على تحقيق سياساته وبين الحيلولة دون سيطرته برجاله وحزبه على مفاصل الدولة ليؤممها لحسابه وحساب جماعته السياسية أو الأيديولوجية.
وبما أن مطلبى هذا لا يتحمل أكثر من هذا فاسمحوا لى أن أوجه نداء عاجلاً لكل العرب والمصريين حول الوضع فى المسجد الأقصى فيما بقى من حيز.
إن التهديدات التى يتعرض لها من جانب جماعات التطرف الإسرائيلى المعروفة بجماعات أنصار الهيكل تتواصل منذ سنوات، ومع ذلك فمازال إخواننا العرب والمسلمون فى القدس يصدون هذه المخاطر معتمدين على أنفسهم فى الدرجة الأولى نتيجة لغياب حملات دفاع منظمة من جانب جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإسلامية ولجنة القدس، فى كل مرة يتقدم فيها المتطرفون اليهود خطوة جديدة ترتفع أصوات الكتاب العرب منددة ومطالبة بتدخل حاسم يدفع الاعتداءات والانتهاكات دون أن نجد ثمرة من الأجهزة المعنية.
لقد شهدت ساحات المسجد خلال الأسبوع الماضى على أيام متتالية عمليات اقتحام قام بها المستوطنون اليهود بمناسبة عيد المظال اليهودى فى حماية كاملة من قوات الشرطة والقوات الخاصة الإسرائيلية، التى أنشأت ممراً آمناً لعبور المستوطنين يمتد من باب المغاربة المؤدى إلى ساحة البراق ومنها إلى بقية ساحات المسجد.
ولقد تدفق المصلون المسلمون على المسجد لحمايته من هذا الانتهاك إدراكاً منهم للمخطط المتواصل للاستيلاء بالتدريج لتنفيذ هدف إزالته وإقامة هيكل يهودى مكانه.
إن تدخل قوات الاحتلال الإسرائيلى لحماية أنصار هذا المخطط يخرج توصيف المخاطر من نطاق الجماعات المتطرفة إلى كونها مخاطر تتمتع بالحماية والتسهيلات من جانب الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. فى تقديرى أن هذا التدخل الحكومى الرسمى يسهل على المنظمات العربية والإسلامية رفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولى باعتباره انتهاكاً من قوة الاحتلال التى تحظر عليها اتفاقية جنيف الرابعة إجراء تغييرات جغرافية أو سكانية أو اعتداء على المقدسات الدينية والتراث الثقافى فى الإقليم الخاضع للاحتلال. إن هناك احتمالاً أن يكون تصعيد العدوان ضد المسجد الأقصى، فى هذا التوقيت بالذات هادفاً إلى دفع السلطة الفلسطينية إلى قطع المفاوضات السرية الجارية تحت إشراف دولى لإنهاء فكرة إقامة الدولة المستقلة للفلسطينيين وهو احتمال لا ينفى ثبات واطراد مخطط التهديدات للأقصى. أرجو أن نتحرك للنجدة.