تساءلتُ فى مقال سابق: فيه إيه فى الصين بيخلّى الإسلامجية (وشوية من اليسار) يحبوها، ويفضّلوها على أمريكا؟ وأخذ يفكر ويفكر ثم أخذ يفكر ويفكر، ثم قال «وجدتها». ما الإسلامجية واليسار المراهق «صينى» أساسا. إزّاى؟
إيه هى الصين حاليا؟ إيه هو المنتج الصينى؟
المنتج الصينى عبارة عن صورة رديئة من منتج غربى. تستغلّ الصين فقر عمالها لكى تصنع منه أعدادا كبيرة بأثمان رخيصة. ثم تستغلّ خلايا لها فى كل بلد، سوقا تحت الأرض، لترويج المنتج، دون ضرائب ولا يحزنون. ولديها أيضا سوق أخرى فوق الأرض، يديها شوية بريستيج ويقنع العالم بأنها بتشتغل صح.
السوق المضروبة فيها أحذية مضروبة عليها علامة مزورة، وملابس مضروبة عليها علامة مزورة. يعنى باختصار شعار أو عنوان لكن المضمون اللى تحته مالوش علاقة بيه. لو نقلتى دا للسياسة هتلاقى عندك ناس بتحط «تِكِت» الديمقراطية على الاستبداد. علامة مزورة. أو بتحط تكت «الشعب المعلم» على حُكم لا يبالى برغبات الشعب. وفى الحالتين الجماهير مش مستفيدة حاجة إلا المنظرة بالشعارات الفارغة. الجزمة اللى بيشتروها ماتفرقش عن أى جزمة معمولة تحت بير السلم، والجهاز اللى بيشتروه بيبوظ بعد كام يوم. والمستفيدون الوحيدون هم مروِّجو الزَّيف.
طيب هتقولى لى يا عم بطل تقطيع أرزاق، على الأقل بتوفر حاجة على قد فلوسنا. هقول لك تتفضل توفر حاجة على قد فلوسنا من غير ما تخدعنا بشعار مزيف. وبكده تحترم أخلاقيات المنافسة.
طيب سيبك من الجزم ومن الأجهزة، خدت الشر وراحت. الصين بتنتج أجهزة تعمل «عذرية مزيفة». وهذا معناه أنها تلعب على خصائص كل شعب، وتوفر له مخدرات فكرية للاستمرار على نفس منواله، بدلا من أن يدرك الناس أن التعامل مع المشكلات يكون بالتعامل معها مباشرة، وليس بالنصب والاحتيال.
بل أكثر من ذلك، الصين تلعب أيضا فى سوق الأدوية، فتنتج أدوية «شحيحة» مضروبة، هذه الأدوية قد تقضى على حياة أشخاص يعانون من ذبحة صدرية، وقد تتلف عمليات نقل أعضاء تكلفت عشرات الآلاف من الجنيهات. لأن التزييف هنا تخطَّى مرحلة الحذاء أو الجهاز الذى تسلّمين فيه أمرك وتتخلصين منه.
المشهد المبدع هنا حكاه لى صديق كان يعمل فى سوق الأدوية، هذا الصديق كان إسلامجيا يوما ما، وبالتالى يعرف أصدقاء آخرين إسلامجية لا يزالون يعملون فى سوق الأدوية. زار أحدهم فى بيته وكان هذا يغير «تاريخ انتهاء الصلاحية» على بعض الأدوية الصينية المضروبة المهربة، التى تحمل ماركة شركات الأدوية العالمية، لكى يبيعها فى السوق. وفى نفس الوقت يقوم بدوره الدَّعَوِى فى عتاب صديقى الإسلامجى السابق لأنه صار يستمع إلى الغناء، ويحذِّره من الآنُك (الرصاص المنصهر) الذى سيُصبّ فى أذنيه يوم القيامة، ومن وسوسة الشيطان فى المعازف والقينات.
استمع إليه صديقى ثم قال له، مش شايف إنه غريب إنك عمال تلعب فى تاريخ انتهاء صلاحية دواء، يعنى بتزوّر، وممكن تؤذى عيان وتنهى حياته، وفى نفس الوقت بتنصحنى أبطل أسمع أغانى. هو إيه أخطر؟
بعدما جربنا المنتج الإسلامجى، زى ما جربنا المنتجات الصينى، لا بد أنك تعلمين سلوك الإسلامجية فى التبرير. بداية من أصل تاريخ الصلاحية بيبقى فيه ٦ أشهر سماح. وهو ما رد عليه صديقى بأن هذا صحيح على المنتج الأصلى، ابن بلاده، المنتج الأمريكى الغربى الجيد، لكنه لا يصح على المنتج الصينى المضروب أساسا، حتى فى أثناء فترة الصلاحية، فما بالك بعدها. وترتفع التبريرات حتى تصل إلى عنان السماء، إلى التبرير الكاتم لأصوات الاعتراض: يا أخى ماتقلقش «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».
ونِعَمَ بالصين يا شيخ!!
فيه شخصيات فى العالم طبيعتها كده، كلما خُيِّرت بين جيد وردىء اختارت الردىء. وبعدين؟ ولا حاجة. لزقت عليه شعارا جيدا، والأكادة إنهم طول النهار يشتموا فى صاحب المنتج الجيد، ويمدحوا صاحب المنتج المضروب. فعلا الطيور على أشكالها تقع. آه والنيعمة زمبؤلك كده.