أظن أن الموقف الآن يتجاوز حظر جماعة «الإخوان» أو حلها.
نحن أمام جماعة تمارس الإرهاب علنًا، وقيادات ترتكب فعل الخيانة العظمى بلا أى وازع من دين أو وطنية أو أخلاق!!
لقد عشنا عامًا أسود تحت حكم الجماعة الفاشى. كان الشعب كله يقاوم ويعترض، لكننا لم نفعل شيئًا من الجرائم التى ترتكبها الجماعة الآن بعد سقوطها المذل. لم نزرع القنابل، ولم نعطل الحياة، ولم نخرب الاقتصاد ولم نستخدم العنف، ولم نمارس الإرهاب، ولم نقتل أبناء وطننا من العسكريين أو المدنيين، وعندما خرج أكثر من ثلاثين مليونا لإسقاط الحكم الفاشى فى 30 يونيو لم يكن فى أيديهم إلا «الكارت الأحمر» والإعلان عن قرار الشعب بسقوط حكم المرشد وإنقاذ مصر من الكارثة التى كان الإخوان يقودونها إليها.
المشكلة الآن ليست فقط فى أن «الإخوان» يرفضون القبول بإرادة الشعب، وإنما فى أنهم يعلنون الحرب على الوطن كله، ويعودون إلى سيرتهم الأولى فيمارسون الإرهاب ويعلنون أن تدمير الوطن هو أسمى أمانيهم!!
كنا نظن أن الأيام علمتهم، وأن مؤامرتهم فى 1965 لتدمير مصر واغتيال قادتها والاستيلاء على الحكم هى نهاية هذا الطريق الذى ساروا فيه طويلا، ومروا فيه على جثث من اغتالوهم، وعلى حرائق أشعلوها وتخريب لم يتوقفوا عنه. كنا نظن أنهم راجعوا أنفسهم وتابوا عن طريق الإرهاب.. لكن الأيام تثبت أن 1965 لم تكن النهاية، بل كانت بداية جديدة لجيل نشأ على أفكار تكفير الناس وتفجير الوطن، وهو الجيل الذى ما زال يقود الجماعة حتى الآن، ويدفعها إلى الانتحار عن طريق الارهاب، أو ما هو أسوأ!!
و«ما هو أسوأ» يتجلى أمامنا الآن ونحن نرى قيادات الجماعة ترتكب فعل الخيانة العظمى دون أى شعور بالخزى والعار مما تفعل، ودون إحساس بهول الجريمة التى ترتكبها والوصمة التى تلحقها بأنصار مخدوعين أو جاهلين بما تفعله قيادات سارت طويلات فى هذا الطريق الشائن.
تجتمع قيادات الجماعة بتنظيمها الدولى وبذيولها فى عديد من الدول مع مندوبى أجهزة المخابرات الدولية والإقليمية، ومع باقى الحلفاء من منظمات الإرهاب، والهدف الوحيد هو التآمر على مصر. من إستنبول إلى لاهور الباكستانية تتعدد الاجتماعات وتوضع الخطط، ويتم شد الإمكانيات السياسية والمادية والإعلامية من جانب القوى التى راهنت على الإخوان للسيطرة على المنطقة، والتى تشعر بأن شعب مصر قد ألحق بها هزيمة العمر حين أسقط حكم الإخوان وحكم بالموت على مخططات إخضاع المنطقة وتقسيم دولها وإغراقها فى حروب الفتنة بمساعدة الإخوان وحلفائهم.
إذا لم يكن ما يفعله الإخوان وغيرهم من المصريين الذين يشاركون فى التآمر على مصر هو الخيانة.. فماذا تكون؟ وإذا لم يكن ما يفعله «الآخرون» هو التآمر عى مصر وشعبها.. فماذا نسميه؟ وإذا لم نقدم هؤلاء وهؤلاء للمحاكمة على الفور، فإننا نكون شركاء معهم بالتواطؤ أو التقصير فى حق الوطن!!
لا أحد يقبل مصادرة أى رأى مهما كان. لكن هذا لا يعنى مطلقًا أن نتهاون مع من يتحالفون مع الإرهاب، ويزرعون القنابل فى مدن مصر، ويحاولون تعطيل المرافق، ويحرضون على الفتنة، ويطعنون فى الظهر جنودا يخوضون أشرف المعارك دفاعًا عن الوطن.
الإرهاب هو الإرهاب.. ليس هناك إرهاب متطرف وإرهاب معتدل. ما يفعله الإخوان الآن لا علاقة له بالدين ولا حتى بالسياسة ولا يستهدف إلا الإضرار بالوطن وبشعب تحمل منهم الكثير وصبر عليهم أكثر من اللازم، ولم يعد هناك مفر، بعد كل ذلك، من إعلان «الإخوان» تنظيمًا إرهابيا والتعالم معه على هذا الأساس.
والخيانة هى الخيانة. لا يمكن أن تكون فيها وجهات نظر!! التآمر مع الأعداء والتدخل الأجنبى ليس وجهة نظر. التخريب والتدمير وتعطيل مرافق دولة، وهى فى حالة حرب حقيقية جريمة لا تغتفر. التحريض على مصر والعداء لشعبها والتآمر على جيشها ليس اجتهادًا فقهيا، بل خيانة عظمى لا بد من محاكمة من يرتكبها.
وليس عذرًا لمن خانوا، أنهم لا يعرفون معنى الوطن!! وليس عذرًا لمن يمارسون الإرهاب أنهم لم يفعلوا إلا أن عادوا إلى سيرتهم الأولى، وواصلوا الطريق الذى ساروا فيه منذ نشأتهم!! وليس لأحد أى عذر فى التهاون مع إرهاب يتاجر بالدين، ومع خيانة تبيع الوطن فى أسواق إستنبول ولاهور!!