إياكَ أن تصدقَ أن لجنة الخمسين عضوًا، أو لجنة الخمسين مليون عضوٍ، أو كلّ لجان العالم وجهابذة وفقهاء الدنيا فى كتابة الدساتير، بوسعهم إرضاءُ حزب النور السلفىّ. إياك أن تصدق أن ما يرضى حزب النور هو الإبقاء على المادة 219 المفخخة، أو إعادة صياغة المادة الثالثة على هواهم لكى «يشرعنوا» اضطهادهم الشيعة والبهائيين، كما يضطهدون المسيحيين من وراء الستار بالهمس والغمز واللمز، أو علنًا من فوق المنابر والشاشات. لن يرضوا أبدًا، حتى لو تنحّت لجنةُ الخمسين عن تعديل الدستور الحائر، تاركةً أشاوسَ حزب النور يكتبونه على هواهم منفردين. لماذا؟ لأن حزب النور أو Mr. Complain Party كما أحب أن أسميَه، سوف يعترض فى كل الأحوال. ذاك أن مشكلته ليست فى مادة هنا أو هناك، ولا فى الدستور كاملا، ولكن مشكلته هى «خارطة الطريق» التى يعمل على ألا تتم، بأى ثمن، ومهما خسرت مصرُ ومهما تضرَّر المصريون. إنها أوامرُ السيدة أمريكا التى كلّفت حليفَها الراهن فى مصر، حزب النور، بتعطيل مصر عن إكمال مشوارها الديمقراطى، لأن فى إكماله صفعةً على وجه أمريكا، ووأدًا للحلم الصهيونى بتفتيت مصر جغرافيًّا، وتخريبها اقتصاديًّا وإثقالها بالديون، وإنهاك الجيش المصرى العظيم، الذى بات الجيشَ الوحيد الآن، فى كامل المنطقة العربية. يقول الشيخ ياسر برهامى، إن عبارة: «مصرُ دولةٌ مدنية» أصابتهم بالجلطة الدماغية!!! ربما لو كتبناها: «مصرُ إمارةٌ عثمانية» لنزلت بردًا وسلامًا على قلوبهم التى لم تتعلم حبَّ مصر واحترام تاريخها العريق. لكن، صدقونى، حتى لو نصصنا فى الدستور على ذلك، ما أرضاهم. فهم «مُكلّفون» بأن يقولوا: «لا»، والسلام. فإن لم يكن الاعتراض على المادة 219، لكان على المادة 56734 التى لم تُكتب بعد!
وهذا السيد يونس مخيون، رئيس حزب النور، يعترض على المادة المقترحة بحظر إقامة الأحزاب على أساس دينىّ! وهو المطلب الذى أجمع عليه الشعب. والطريف أنه وصف هذا الحظر بأنه «تمييزىّ وإقصائىّ»!! تصوروا! أيهما التمييزى: الحزب الدينى الذى يُقصى وينبذ وينتقى ويفرز، أم الانخراط فى المجتمع والذوبان فى نسيج المواطنة؟ وهل يرحّبُ السيد مخيون أن ينشئ المسيحيون حزبًا مسيحيًّا، بالمقابل؟
فى البدء رفض حزب النور المشاركة فى كتابة الدستور. وبعد لقائهم بالأمريكان، قبلوا المشاركة، ومن يومها لم يقولوا غير: «لااااا»! لأنها الكلمة الوحيدة التى لُقِّنوها، تمامًا مثلما لقّن المرشدُ بديع كلمة: «القصاص» لربيبه المعزول.
كنّا نتساءل عن السر فى «تدليل» الحكومة لحزب النور! والآن لم يعد أحد يتساءل؛ فالكل بات يعرف الرجالَ الذين زرعتهم أمريكا، فى حكومتنا الراهنة.