مشهد 1
تقدم محامٍ ينتمى لحزب ليبرالى عريق ضد وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظته «بصفته» ومديرة مدرسة بنات إعدادية، اتهم فيه الأخيرة برفض تشغيل أغنية تسلم الأيادى، وهو ما اعتبره مساندة واضحة للإخوان المسلمين والإرهاب، وتخطيطا إلى استمالة عقول الأطفال وتحريضهم على القوات المسلحة وخيانة الوطن!
مشهد 2
جريدة الأهرام، أعرق الصحف المصرية، تنشر فى صفحتها الأولى بتاريخ 23 سبتمبر 2013 مانشيتات بعنوان (مصادر سيادية تحقق فى غلق قناة الفراعين على أيدى الطابور الخامس)، (مصدر مسؤول: المعركة الجديدة ضد الطابور الخامس الذى يسعى لإجهاض تنفيذ خطة المستقبل)، وبالتوازى نشر موقع الأهرام المسائى خبرا بعنوان (مصدر أمنى: البرادعى قاد اجتماع تنظيم الإخوان الدولى لإفشال خارطة الطريق).
مشهد 3
مذيع بإحدى الفضائيات، معروف فى مؤسسته الصحفية وفى الوسط الصحفى بأنه مندوب جهاز أمن الدولة بالإعلام منذ أيام مبارك، يستضيف باستمرار فى مداخلة هاتفية متكررة أحد الأشخاص المجهولين ويقدمه للجمهور على أنه خبير أمنى، يتحدث الرجل عن نجاح أجهزة الأمن المصرية فى كشف عملاء الإخوان من نواب بالكونجرس وسياسيين أمريكيين بارزين، وأن مصر ضغطت على أمريكا لتقديم هؤلاء الداعمين للإخوان إلى محاكمات سريعة، فيصفق المذيع ويقول الله أكبر هى دى مصر ورجالة مصر، تسلم الأيادى!
وبالتحرى عن هذه الشخصية من خلال سجلات وزارة الداخلية اتضح أنه لا يوجد أى لواء حالى أو سابق يحمل هذا الاسم.
مشهد 4
بوابة الأهرام تنشر فى 24/ 9 خبرا عن قيام قوات الأمن بمحافظة قنا باستجواب 4 تلاميذ فى مدرسة إعدادية بعد قيامهم بتوزيع جداول حصص على طلاب المدرسة بها علامة رابعة الصفراء.
وفى كفر الشيخ تقدم مدير مدرسة إعدادية ببلطيم ببلاغ يفيد بقيام تلميذ عمره 14 سنة بتوزيع منشورات مؤيدة للرئيس المعزول، وعلى الفور قامت مباحث المركز بإلقاء القبض على الطفل وتحويله للنيابة للتحقيق معه.
مشهد 5
سيدة فاضلة تعمل فى مجال الاستثمار بأحد القطاعات المهمة بالدولة تنشر على صفحتها خبرا بلا مصدر مجهلا ومفبركا بالإنجليزية عن الاعتراف الخطير لجورج سوروس، رجل الأعمال الشهير، يقول فيه إن البرادعى هو القائد الفعلى الخفى للتنظيم العالمى للإخوان المسلمين، وتتساءل: كيف تتركون البرادعى الخائن طليقا؟.
كنا نشكو من عسكرة الدولة، ثم أخونة الدولة، واليوم نحذر من أهبلة الدولة التى ننجرف إليها بسرعة تحت تأثير إعلام غير مهنى وتحت نوازع الخوف التى يتم تضخيمها بشدة لتسلب العقلاء عقولهم وتجعلهم يصلون لهذا المستوى المتدنى من الإدراك.
حين يوثق التاريخ هذه المشاهد ستضحك الأجيال القادمة حتى تستلقى على ظهورها وسيسألون: (أليس فيكم رجل رشيد).. أبرئ ذمتى أمام الله والتاريخ من هذا الإبهار فى العبث، وأسأل الله أن أظل بعقلى بلا عسكرة ولا أخونة ولا أهبلة!