القصة قصة وعى، لا مصلحة.
لو فهمنا هذه الحقيقة لتغيرت مصر على الأقل فى المرحلة الانتقالية التى لا تريد أن تنتقل وتنتهى أبدا.. فالنتيجة الواضحة للانتخابات التى جرت بعد خمسة وعشرين يناير فى مصر من استفتاء مارس المشؤوم فى ٢٠١١ حتى استفتاء الدستور المعطل مرورًا بنتائج انتخابات برلمانية ورئاسية لا تقول إلا ما سأقوله لك الآن وفورًا:
النتيجة لكل صناديق التصويت المصرية منذ يناير أن الوعى هو الذى ينتخب لا المصلحة.
جرّب تسأل أى شخص إنت انتخبت مين؟ فستجده يجيبك بأنه انتخب فلانا وزوجته انتخبت علانا وابنه انتخب مثل أمه والبنت انتخبت أحدا ثالثا والابن الثانى قاطَع، هذا لا يمكن أن يحدث فى عائلة تنتخب من أجل مصلحتها أبدا، بل ينتخب كل واحد فيها بوعيه، ثقافته أو تعليمه أو شخصيته هى التى تؤثر لا مصلحته فى فوز مرشح، لأننا شفنا العائلة الواحدة التى يحكمها ظرف اقتصادى واحد، سواء كانت عائلة فقيرة مش لاقية تاكل أو غنية ثرية لاقية تتفسح وتتدلع، ومع ذلك فإن أفرادها يختلفون فى التصويت.
إذن كلهم مصلحة واحدة..
وطبقة واحدة..
وثقافة تقريبا واحدة..
ومع ذلك تصويتهم مختلف، بل ومتناقض تماما.
لماذا؟
لأن وعيهم مختلف.
كل واحد بوعيه الذى يتكون من مزاجه ومعارفه واطلاعاته والبرنامج التليفزيونى الذى يفضله، ومن المجموعة التى ينتمى إليها أو يتعاطف معها.
ولأن الوعى يختلف، ولأن وعى المصريين بعد ثورة يناير كان لا يزال يتشكل، وفى مرحلة تكوين فإنه يتحول ويهتز ويتغير ويتقلب وينضج، ومن ثم فالنتائج تتغير، ولا شك أن ملايين من المصوتين فى الانتخابات والاستفتاءات الماضية قد غيَّروا رأيهم من النقيض إلى النقيض، وهو ما يؤكد تحول الوعى، لا المصلحة، تبدُّل الوعى، لا الطبقة.
الذى يعرف التعامل مع وعى الناخب أكثر من مصلحته هو من سيكسب الصناديق القادمة.