ايجى ميديا

الخميس , 26 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

هذا الدستور.. مَن صاحبه؟

-  

لا أجد نفسى فى حاجة لتعليل أو تبرير حين أقول إن قضيتنا الأولى التى يجب علينا أن نشغل بها ونجتمع حولها الآن كما اجتمعنا فى الثلاثين من يونيو- هى الدستور، فليس هذا الدستور إلا الإعلان عن انتصارنا التاريخى على الطغيان وإسقاط دولة المتاجرين بالدين، وإلا التعبير عما نريد أن نكون عليه وأن تكون عليه مصر فى الحاضر والمستقبل.

ويجب أن نصارح أنفسنا بأن ما جرى خلال الشهور الثلاثة الماضية لا يدل على أننا نقدر الدستور حق قدره أو أننا نعطيه من أنفسنا ما يستحقه من عناية واهتمام.

القرار الذى صدر بعد الثورة بإعادة النظر فى الدستور لم يتحدث كما كان يجب عن دستور جديد يعبر عن الثورة ويتبنى مطالبها، وإنما تحدث عن تعديلات يمكن إدخالها على دستور الإخوان المزيف.

وإذا كان هذا الدستور المزيف قد عطل وحل محله مؤقتاً إعلان دستورى صدر فى الخامس من يوليو فقد نقل هذا الإعلان من الدستور الإخوانى أسوأ ما فيه مما لا يمت للدساتير بأى صلة، ومن ذلك المادة التى تصادر حق الشعب فى وضع قوانينه- وهو حق مقدس- وتحول عمل نوابه ومشرعيه إلى مجادلات بيزنطية فى «الشريعة وأدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة من مذاهب أهل السنة والجماعة»! فإذا كان مفهوماً أن يقحم الإخوان والسلفيون هذه المادة وأمثالها فى الدستور ليحولوه إلى صك استعباد وانفراد بالسلطة التى قرروا أن تكون لهم خمسمائة عام كيف نفهم أن يتضمن الإعلان الدستورى الصادر عن الرئاسة التى جاءت بها الثورة مادة من هذا النوع؟!

وقد لجأت الرئاسة بعد ذلك لتعيين لجنة مصغرة مؤلفة من عشرة أعضاء من رجال القانون كلفتها بإجراء ما تراه من تعديلات على دستور الإخوان وتقديم هذه التعديلات المقترحة على لجنة موسعة مؤلفة من خمسين عضواً لتراجعها وتنتهى فيها إلى صيغة أخيرة تعرض على المصريين فى استفتاء عام فماذا قدمت لنا اللجنة المصغرة؟ وما المعايير التى اتبعتها الرئاسة فى تشكيل لجنة الخمسين؟

يؤسفنى أن أقول إن التعديلات التى قدمتها لجنة العشرة جاءت مخيبة للظن، والسبب على ما يبدو لى هو الاقتصار على التعديل، بالإضافة إلى العجلة وضعف الشعور بالمسؤولية عن دستور أصبح دمه موزعا على كل القبائل أو لم يعد له أب واحد، فهو دستور الإخوان لكن لجنة العشرة عدلته ثم قدم للجنة الخمسين الذين يفترض أن يمثلوا الثورة لينظروا فيه ويضيفوا إليه ويحذفوا منه، ثم يعرض فى النهاية على المصريين ليصوتوا عليه فى استفتاء عام هذا السبب أو هذه الأسباب التى أحاطت بعمل لجنة العشرة نتج عنها مشروع معيب من نواح متعددة لغة خطابية لا تدقق فى استخدام المصطلحات، وهى مع ذلك لغة صحفية لا تخلو من أخطاء، ومواد أغلبها منقول بنصه عن دستور الإخوان ففيها كل عيوبه ونقائصه اختزاله للهوية المصرية، وتجاهله للتاريخ الفرعونى، والمسيحية المصرية، والهيللينية المصرية، والنهضة المصرية الحديثة فضلاً عما فيه من طائفية وخلط بين الدين والدولة وتمييز بين العقائد والديانات التى يعتنقها المصريون.

هذا عن التعديلات التى قدمتها لجنة العشرة فماذا عن المعايير التى التزمتها الرئاسة فى تشكيل لجنة الخمسين؟

لقد التزمت الرئاسة فى تشكيل اللجنة معياراً لا أظن أنه كان الأولى بالالتزام، وهو أن تمثل اللجنة مختلف الهيئات والمؤسسات والمجالس والتنظيمات السياسية والنقابية المصرية التى فهمت أن عمل اللجنة يختصر فى إجراء بعض التعديلات على الدستور المعطل، فيكفى والأمر كذلك أن يكون المرشح لعضوية اللجنة قادراً على التمييز بين كلمة وكلمة أو بين عبارة وأخرى، وليس من الضرورى أن تكون له معرفة إنسانية جامعة أو ثقافة حقوقية أو تصور لما يجب أن يكون عليه الدستور المصرى فى هذا العصر وبعد هذه الثورات التى قمنا بها وهذه التجارب التى خضناها منذ مائة وخمسين عاماً فى النضال من أجل الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة، والمواطنة، وحكم القانون، وحقوق الإنسان، وأصدرنا خلالها ثمانية دساتير.

وأنا لا أقول إن أعضاء اللجنة الحاليين تنقصهم هذه الكفاءة بل نحن متأكدون جميعاً من أن فيهم رجالاً ونساء وشباباً نعتز بهم ونفخر لكنى أتحدث عن المعيار الذى اتبع فى الاختيار، وأرى أنه لا يضمن لنا الدستور الذى ننتظره بالمواصفات التى ذكرتها وأهمها أن يعبر عن ثورة الثلاثين من يونيو التى نستطيع أن نشخصها حين نقول إنها جمعت المصريين فى مشهد تاريخى ضد الطغيان الدينى الطائفى الذى سقط تحت هدير أصواتهم وضربات معاولهم، فالمنتظر من الدستور أن يؤرخ لهذا المشهد العظيم وأن يجسد روحه ويتبنى شعاراته ومن المنطقى أن يختار أعضاء اللجنة المكلفة بوضعه على هذا الأساس ومن المنطقى ألا تضم اللجنة خصوماً لثورة يونيو وأعضاء شاركوا بإلحاح وإصرار فى تلغيم الدستور الإخوانى الساقط وتفخيخه بتلك المواد سيئة السمعة التى أشرت إليها فيما سبق.

ونحن نعرف أن إعلان استقلال الولايات المتحدة الذى تحررت به من تبعيتها للتاج البريطانى كتبه رجل واحد هو توماس جيفرسون واستلهمه من مؤلفات جون لوك الإنجليزى وجان جاك روسو الفرنسى، ويعد هذا الإعلان الذى ظهر للوجود عام 1776 أهم وثيقة فى تاريخ الولايات المتحدة، فضلاً عن أهميته فى تاريخ الديمقراطية. ونحن نعرف أيضاً أن إعلان حقوق الإنسان والمواطن وهو من أهم الوثائق الدستورية فى فرنسا وفى العالم، وضعه هو أيضاً رجل هو إمانويل جوزيف سييس وقد وافقت الجمعية التأسيسية الفرنسية على هذا الإعلان عام 1789 وجعلته مقدمة لدستور الثورة، الذى ظهر بعد ذلك بعامين، ونحن نعرف بعد ذلك الدور الذى أداه الإمام محمد عبده، والشاعر محمود سامى البارودى، والقانونى عبدالعزيز فهمى، والفيلسوف أحمد لطفى السيد، والعميد طه حسين، والكاتب محمود عزمى، والفقيه عبدالرزاق السنهورى فى كتابة الدساتير المصرية التى ظهرت فى 1882، و1923، و1954 على التوالى.

لكن المعيار الذى اتبعته الرئاسة فى تشكيل اللجنة وهو تمثيل الهيئات والمؤسسات والأحزاب المختلفة لم يعط الأولوية لهؤلاء أو لأمثالهم، بل سمح بالعكس للأحزاب الدينية بأن يكون لها مكان فى اللجنة، وهو ما يتناقض مع مشروع تعديل الدستور الذى انتهت إليه لجنة العشرة وجاء فى المادة الرابعة والخمسين منه «ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى»!

تناقض لا أستطيع تفسيره إلا بإلحاح بعضهم على ما يسمونه المصالحة وتهافتهم على من يعتقدون أنهم طرف من أطرافها كان هؤلاء الذين يتحدثون عن المصالحة يجهلون أنها لا تعنى الآن إلا التنكر للثورة والاعتذار عنها والاستسلام للطغيان والإرهاب وتسليم السلطة من جديد للإخوان وحلفائهم وفى مواجهة هذا الخطر أدعو المصريين عامة ولجنة الدستور خاصة لليقظة وصياغة دستور جديد يطوى الصفحة، ويعبر عن الثورة، ويبدأ عهداً جديداً فى تاريخنا الحديث.

التعليقات