الصباح25 سبتمبر 2013 10:12 م
السينما هى صاحبة الامتياز الرئيسى فى الحفاظ على الهيمنة الثقافية والإعلامية، والأداة الأولى فى تشكيل الوعى القومى العربى من المحيط إلى الخليج، فكل الشعوب تتحدث فى حياتها اليومية بذاكرة السينما، والتى صار أبطالها رموزا وأحداثها صانعة للانتماء والهوية.
لقد صدمت صدمة شديدة إزاء سكوت الفنانين تجاه إلغاء مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فالنجوم فى مصر لا يحركون ساكنا ولا يدافعون عن تظاهرة ثقافية، تحسن لهم، فى المقام الأول فهل سكوتهم يعبر عن أزمة انتماء أم انعكاس لوضع الفن فى مصر؟ ذلك الوضع الذى لم يعد يرضى عدوا ولا حبيبا، إننا نفتقد إلى فنانين بدرجة مقاتلين، أو شرط أو مصلحة أو نفوذ.
مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ليس مجرد احتفالية ترفيهية أو حفل عشاء فاخر وشو إعلامى مبهر، وإنما رهان ثقافى على احتفاظ القاهرة بريادتها ووجودها الحضارى لذلك فإن إقامة المهرجان مسألة حياة أو موت، أما الإجهاز عليه وإلغاؤه فمؤامرة يرفضها كل من ينبض قلبه بالفن، وتتوق روحه للخلود إذا لم يكن هناك مهرجان فلنسعى لأن نكون نحن المهرجان تخرج أفواج من الفنانين للترويج للسياحة فى الأقصر وأسوان وشرم الشيخ عبر تظاهرات ثقافية ندعو إليها كل من أحب هذا البلد، وانتظر الفرصة ليرد له الجميل.
لكن الشىء المحزن أن يتجاهل النجوم كل الدعوات التى تخرج بهذا الشأن فى الوقت الذى نجد البعض منهم يهرع إلى تلبية نداء التدفق النفطى لدولارات الخليج ومهرجان الدوحة السينمائى.
إن عدم إقامة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى سيؤثر سلبا على تشكيل الوعى الثقافى ويترك الساحة مفتوحة لمن يريدون تشويه هويتنا.
وأذكر أننى فى أحد المهرجانات الخليجية سمعت رئيس المهرجان يقول: إن السينما فى العالم هى هوليوود وبوليوود ولا توجد سينما فى الشرق الأوسط. وكأنه يمسح كل تراثنا السينمائى من الوجود.
أندهش من الموقف السلبى للفنانين وسكوتهم المزرى تجاه وأد الفن السينمائى وشحنه فى ثلاجة الموتى بلا ندب ولا عويل، مع أن وزارتى السياحة والاستثمار تقف مع النجوم وتقدم لهم كل العون ليظهر المهرجان بشكله اللائق، وهم يدركون بالقطع قيمة المهرجان وقدره ومكانته ولكنه الإفراط فى التكاسل، والتفريط فى الحقوق، فلو حافظنا على دورنا الحضارى لما تجرأت علينا قطر ولما وجدت فرصة سانحة بسط نفودها وسحب البساط من تحت أقدامنا، لكننا لا نعرف ما بأيدينا.
لقد تابعت باهتمام حديثا صحفيا لنقيب الموسيقيين مصطفى كامل يؤكد أنه سيحث الفنانين على قطع علاقاتهم بقناة الجزيرة وأى نشاط فنى فى الدوحة، ومن ناحية أخرى سجلت شهادة أكثر من فنان بمقاطعة مهرجان الدوحة تريبيكا بسبب الشتائم والتجريح الذى طال رموزنا وشعبنا وجيشنا المصرى العظيم.
إن قطر تهدف من وراء السينما رفع اسمها فى المحافل الدولية وتعزيز مكانتها، بينما نهدر نحن مكانة مصر الثقافية ولا نغضب للنيل منها لذلك أقول إن أى فنان سيظهر على الإستيدج فى مهرجان الدوحة أو يمشى على سجادته الحمراء، سيضع نفسه فى مواجهة عصيبة، فالهوية والكرامة لا يمكن أن تُباعا فى حارة القطريين.