فى شوق كبير لبطل، بعد غياب للزعيم جمال عبدالناصر من عام 1970 حتى عام 2013، شعر فيها المصريون بالإهانة للوطن والمواطن، لذلك كان طبيعياً أن يتجاوب الشعب مع بطل عبّر عن لحظة تاريخية وشجاعة، عندما قرر الفريق أول عبدالفتاح السيسى الانحياز للشعب عند ثورته فى 30 يونيو ضد حكم الإخوان المسلمين المتمثل فى محمد مرسى، ورغم معرفة المواطنين الثائرين أن الفريق أول السيسى كان عضوا بارزا فى المجلس العسكرى الذى حكم مصر فى المرحلة الانتقالية بعد عزل مبارك الذى كان له العديد من الأخطاء الكارثية، منها ماسبيرو، ومحمد محمود، وغيرها فإن أخطرها كان تسليم الوطن لجماعة الإخوان، تسليم مفتاح، رغم العلم بأن هناك ضغوطات هائلة قد وقعت على المجلس، سواء من أمريكا والاتحاد الأوروبى وتركيا وقطر، بالإضافة إلى ضغوط داخلية من حركات الإسلام السياسى، إلا أنه فى نهاية المطاف تم تسليم الوطن بادعاء أن الانتخابات التى شارك المجلس العسكرى فى رسم سيناريوهاتها وتفاصيلها بحيث تصل إلى نتيجة شفيق - مرسى، ورغم معرفة الناس بكل هذه الحقائق والوقائع، فإنها غفرتها للفريق السيسى عندما انحازت القوات المسلحة بقيادته إلى ثورة 30 يونيو، بل وصل الإعجاب بالموقف والرجل إلى حد أن تشكلت بعض الجماعات تطالبه بالترشح على مقعد رئيس الجمهورية تحت شعار «كمل جميلك»، وكل ذلك مبرر، لأننا فى أشواق إلى بطل يعبر عن هذه المرحلة، إلا أن الفكرة قد جاءت بعدما رحلت السكرة، سكرة الإعجاب بالموقف والرجل، وعلينا أن نتأمل الظرف القائم فى مصر الآن، فإذا تصورنا أن الفريق السيسى استجاب للدعوات المطالبة بنزوله فهو فى الوقت ذاته أكد للغرب فكرة الانقلاب العسكرى ضد الرئيس المنتخب، ما يسبب أضرارا جسيمة بالوطن.
بالإضافة إلى عدم عدالة فرص الترشح أمام المواطنين على مقعد الرئاسة، فلا فرص متساوية بين وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وبين مرشحين من الشعب، أى من مواقع ليس لها علاقة بالسلطة الآن، والأهم من ذلك هو خسارة مصر فرصة تعاون مثمر بين مرشح مدنى يمثل الموجتين فى ثورة 25 يناير و30 يونيو وبين قوات مسلحة يقودها قائد يعلم معنى ووزن ودور مصر الذى نحلم بعودته مرة أخرى، ولن يكون ذلك إلا بالقيام من جانب القوات المسلحة بأدوار مهمة فى البحث العلمى والتصنيع واستصلاح الأراضى، هذا بالإضافة إلى حراسة حدود الوطن والدفاع عنه، وحتى يتحقق ذلك لابد من تعاون مثمر بين رئيس مدنى منتخب حالم بدور مصر القومى والإقليمى والدولى، حالم بالعدالة الاجتماعية لانتشال الفقراء من مستنقع الجهل والمرض والفقر، حالم بتنمية ممتدة وواسعة فى فترة زمنية محدودة.. وبين قائد للقوات المسلحة على نفس أرضية تلك الأحلام المشروعة والمأمولة.
عند ذلك فقط، نستطيع أن نقول للفريق السيسى «كمل جميلك» ولا تترشح حتى تتكامل مع رئيس مدنى منتخب، عندها سوف نضمن تحقيق حلم مصر فى التقدم والازدهار على طريق تداول سلمى للسلطة.