أخشى أن يكون أداء الرئاسة فى الأيام الأخيرة قد بدد كل انطباع جيد كان قد وصل الناس بعد حوار الرئيس عدلى منصور على التليفزيون المصرى.. إذْ كان الإحساس التلقائى للملايين بعد الحوار، أنهم أمام رئيس يتسم أداؤه بالعقلانية، والهدوء، والرصانة، وشىء من الحزم والعزيمة، وكان التفاؤل هو الشعور الغالب وقتها على كثيرين، ما لبثوا أن أحسوا خلال أسبوعين أو ثلاثة مضت، أن تفاؤلهم يكاد يتبخر، ليحل مكانه شىء آخر تماماً!
فالمتابع للأداء خلال هذه الفترة، سوف يلاحظ أن رسائل متناقضة تصدر عن الرئاسة، إزاء الشىء الواحد، ولا تعرف كمتابع، والحال هكذا، أى الرسائل هى الصحيحة، وأيها بالضبط هى الخاطئة؟!.. هذا موضوع لابد من تداركه سريعاً، لأننا نتكلم عن أداء فى رئاسة الجمهورية بجلالة قدرها، وليس فى وزارة فى حدودها، أو مؤسسة، أو هيئة من الهيئات.
أما الموضوع الآخر، الذى لا ينفصل عما نقوله، فهو موقف الرئاسة من سقوط اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة، قتيلاً فى كرداسة، فلم يصدر عنها بيان نعى، ولا حتى مجرد كلمة عن الرجل، رغم أن القوات المسلحة نعت فى لحظتها اللواء الذى فقد حياته غدراً، ورغم أن رئاسة مجلس الوزراء نعت هى الأخرى دون إبطاء.. لكن يبقى غياب الرئاسة عن مشهد بهذه الأهمية، مثيراً للتساؤل، ومحيراً فى كل أحواله. إننا نتكلم عن لواء سقط فى ساحة المعركة ضد الإرهاب، ولا نتكلم عن مجرد فرد أمن، أو عسكرى بلا أى رتبة، مع الإقرار طبعاً بأن حياة الجميع لها التقدير نفسه، أياً كان صاحبها، وأياً كان ترتيبه فى درجات الترقى الوظيفى.
ما نريد أن نؤكد عليه، أنه كان هناك من يروج طول الوقت، بأن الداخلية تضحى بالغلابة فقط من رجالها، وأن الضباط بعيدون عن أرض المعركة، فإذا نحن أمام لواء.. نعم لواء.. أى أنه يحمل نفس الرتبة العسكرية التى يحملها الوزير، ولذلك كان الأمل أن يكون رد فعل رئاسة الجمهورية، على قدر الحدث، وضخامته، وربما فداحته التى أثارت طوفاناً من الحزن فى وجدان كل مصرى عنده ضمير.
فإذا أضفنا إلى هذا كله، أن الرئاسة قد غابت أيضاً، عن مشهد تشييع جنازة الرجل المهيب أصبح الأمر عصياً على الفهم.. صحيح أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى كان حاضراً فى الصدارة، وكان إلى جواره وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وكان يسبقهما الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، إلا أن التساؤل ظل قائماً: أين الرئيس عدلى منصور، أو من ينوب عنه، وكيف نفوت عليه مثل هذه الأمور، التى لا يجوز أن تفوته تحت أى ظرف؟!
رئاسة الجمهورية فى حاجة إلى صيحة انتباه تسمعها أرجاء الدنيا!