جاءت الفرصة لنلقن رئيس الوزراء التركى طيب أردوجان درس فض المظاهرات، بعد أن غضب وثار على الطريقة الوحشية التى تعاملت بها قوات الأمن المصرية مع معتصمى رابعة العدوية بعد 48 يوما افترشوا فيها الميدان، نصبوا فيها الخيام وذبحوا الذبائح وأكلوا وشربوا وناموا وصحيوا.
والواقع أن الإخوان لم يكونوا من البلاهة التى تجعلهم ينفقون الملايين وراء حشد الذين جمعوهم فى رابعة والنهضة، والذين تبين أن أكثر من نصفهم تم جلبهم من خارج القاهرة دون معرفة سبب اعتصامهم، اللهم إلا حصول كل منهم على مكافأة يومية بين مائة ومائتى جنيه، إلى جانب إقامة وطعام وصحبة. وحتى اليوم لم يقل لنا أحد من الذى تولى إنفاق كل هذه الملايين، لكن الذى عرفناه أن الهدف كان استمرار هذه الاعتصامات حتى تصبح أمرا واقعا يخلق طرفا يمثل الرئيس السابق مرسى وجماعته فى مواجهة الحكومة، بحيث يأتى الوسطاء من الدول والمنظمات الدولية لإجراء الاتصالات والتنقل بين الطرفين، على نفس الطريقة التى تحدث فى سوريا بين نظام بشار ومعارضيه.
عملية مهينة وغير مقبولة وعندما تقرر إنهاؤها فقد كان المقرر أن تستمر عملية الفض بضعة أيام على أساس التعامل الناعم، لكن المعتصمين تعجلوا المواجهة الساخنة وبدأوا بإطلاق النيران وإسقاط شهداء الشرطة، فكان الرد الضرورى الذى أنهى الاعتصام فى مساء نفس اليوم. وقد بهت رئيس الوزراء التركى الذى فاجأته نتيجة عملية الفض فانتقد ما حدث وبصورة تتجاوز اللائق بين الدول.
جاءنا الرد سريعا على أردوجان من داخل وخارج تركيا. ففى يوم الثلاثاء 10 سبتمبر شهدت مدينة أنطاكيا التركية مظاهرة من 150 شخصا فقط، لم تتحملها أعصاب أردوجان فأصدر أوامره إلى الشرطة التى خرجت إليهم فى ملابس ميدان الحرب وأمطروهم بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطى، ومن طالته أيدى الشرطة طرحوه أرضا وفين يوجعك دون رحمة، مما كانت نتيجته مقتل شاب عمره 22 سنة أشعل لوفاته المزيد من الغضب فى عدة مدن تركية، على رأسها إستانبول.
بعد أيام قدم الأمن المصرى للطيب أردوجان وغيره، من دلجا فى صعيد مصر، وكرداسة القريبة من القاهرة، نموذجا يدرس ويعد علامة فارقة فى قدرة وكفاءة الأمن المصرى. وقد كانت القريتان تسيطر عليهما عناصر إجرامية أرهبت الأهالى وحولت حياتهم إلى جحيم، فى الوقت الذى كان مجرمو كرداسة قد قتلوا وسحلوا 12 ضابطا وجنديا وأحرقوا قسم كرداسة يوم فك اعتصام رابعة. وبتنسيق نموذجى بين الشرطة والجيش تمكنت قوات الأمن المصرية من إتمام عمليتين تبدو كل منهما جراحية، استخرجوا فيهما من قلب القريتين نحو مائتى مجرم وهارب، أمسكوهم جميعا أحياء دون إصابات رغم الأسلحة الآلية التى كانوا يملكونها واستخدموها، ما أدى إلى استشهاد اللواء نبيل فراج قائد قوة كرداسة الذى تقدم قواته. ومع أن ذلك كان يبرر للشرطة المصرية الانتقام لقائدهم إلا أنهم نجحوا فى ضبط النفس بصورة مذهلة وقدموا عملية معقمة نرجو أن تفيد الطيب أردوجان، الذى «زعل» من الطريقة التى تم بها فض اعتصام رابعة من الإخوان!