لايزال هناك من يعترض على تأجيل الدورة الـ36 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى إلى العام القادم، ومن يتساءل عن سبب أو أسباب التأجيل، بعض من يعترض أو يتساءل تدفعه أسباب شخصية صغيرة، ولكن من حق أى مهتم بالموضوع، ومهما كانت دوافعه أن يعترض وأن يتساءل، فهى قضية عامة.
لقد أوضح بيان وزارة الثقافة عن الاجتماع الأول لمجلس إدارة المهرجان أن التأجيل لأسباب أمنية وفنية فى الوقت نفسه، وبحكم رئاستى للمجلس الذى يضم جميع مؤسسات السينما الحكومية والشعبية فى مصر، إلى جانب نخبة من صناع الأفلام، والذى اتخذ قرار التأجيل بالإجماع، واحتراماً للأصوات التى لاتزال تعترض وتسأل، أرى ضرورة المزيد من إيضاح الأمر للرأى العام.
كان هذا القرار أولاً تأييداً لموقف غرفة صناعة السينما واتحاد النقابات الفنية، الذى يضم نقابات المهن السينمائية والتمثيلية والموسيقية، أى كل العاملين فى السينما من منتجين وموزعين وسينمائيين وممثلين وموسيقيين، ففى يوم السادس من أغسطس وهو بالصدفة نفس يوم صدور قرار وزير الثقافة بتعيينى رئيساً للمهرجان، نشرت جريدة «الأخبار» خبراً بأن الغرفة والاتحاد مع تأجيل الدورة إلى العام القادم، بل إن الغرفة أبلغت الاتحاد الدولى للمنتجين الذى يصنف المهرجانات ويضع مهرجان القاهرة فى القائمة «A» بتأجيل الدورة لأسباب أمنية، وأن الاتحاد الدولى وافق وأعرب عن تفهمه الموقف، وليس من المعقول ولا المقبول أن يقام أى مهرجان فى العالم ضد إرادة كل العاملين فى السينما.
وعندما اجتمع مجلس إدارة المهرجان لأول مرة فى 20 أغسطس كان ذلك بعد فض الاعتصامات الإجرامية للإخوان وتيارهم الذى يربط الدين الإسلامى بالسياسة، وما تلاه من ردود أفعال تستهدف تخريب مصر وتحويل حياة الشعب إلى جحيم، وبداية معركة سيناء ضد الإرهاب الدولى ومهرجانات السينما لا تقام قبل شهور من انعقادها، إنما يعد لها سنة كاملة على الأقل، وكانت دعوة أفلام أو أشخاص فى أغسطس أو سبتمبر للاشتراك فى مهرجان فى نوفمبر، وهو يقرأ ويسمع ويشاهد أخبار مصر، ضرباً من الجنون، فضلاً عن افتقاده الأصول المهنية.
وكان من الممكن رغم هذه الظروف إقامة المهرجان لو كانت إدارته التى تعمل طوال العام قد توصلت إلى اتفاقيات مع شركات أو شخصيات فى الفترة من نوفمبر العام الماضى وحتى نهاية يوليو العام الحالى، وبالتالى يمكن البناء على هذه الاتفاقيات واستكمالها، ولكن هذا لم يحدث، وكان من الممكن البدء من الصفر، وإقامة مهرجان فى شهرين، ولكنه كان سيصبح مهرجاناً فاشلاً مثل مهرجان العام الماضى، حيث حجبت لجنة التمكين الدولية أكثر من نصف الجوائز وأعلنت سوء مستوى الأفلام، فهل هذا ما يفيد السينما وما يفيد مصر، وهل تدفع الدولة ستة ملايين جنيه من أموال دافعى الضرائب لمجرد إقامة المهرجان أياً كان مستواه؟!