لم تكن الصفعة التى وجهها محافظ البحيرة لأحد عمال النظافة بمحافظته سوى رمز لصفعة أكبر تلقاها الشعب كله فى ثورته وحكومته ونخبته..!!
لقد كانت الكرامة الإنسانية هى الاختصار لأهداف الثورة كلها. فما العيش والحرية والعدالة والمساواة سوى «الكرامة الإنسانية» موزعة فى أوراق على أجندة الحكومة الثورية التى كلفها الشعب بتحقيقها. وحينما يأتى مسؤول حكومى ليصفع مواطنا - مهما كان خطؤه - فإنه يكون ليس فقط قد أخل بمبادئ الثورة. بل إنه يكون قد وقع فى شرك الخيانة للشعب مستهينا - إلى حد الاحتقار - بدماء شهدائه الذين افتدوه من أجل الحصول على كرامته.
إنه ليس مجرد «قلم» من مسؤول بالحكومة على وجه عامل غلبان ولكنه «قلم» من الحكومة كلها على وجه أو قفا الشعب كله. فالمواطن المصرى حين يريد التعبير عن شعوره بالخديعة فإنه يقول «أخدت قلم» فى كذا أو فلان. وحين يريد التعبير عن شعوره بالمهانة والمذلة فإنه يقول: "أخدت قلم على قفايا من فلان.. وهكذا يمكن أن نصف القلم الذى أخذه العامل بيد محافظه. بأنه كان قلما على قفا الشعب ووجهه فى ذات الوقت.. لأنه تعبير عن شعورنا بالخديعة وبالمهانة فى نفس الوقت. لقد خدعتنا الحكومة حين ادعت أنها حكومة ثورة جاءت لتحقق لنا الكرامة الإنسانية فإذا بها تمعن فى إذلالنا شأن كل الحكومات التى ثرنا عليها.. كما أنها أوقعتنا فى الشعور بالمهانة حين استهانت بنا وبدماء شهدائنا فأعطتنا أقل مما دفعناه ثمنا لكرامتنا وعزتنا فى الوطن.
إذا كانت هذه هى الحكومة. وإذا كان هؤلاء هم المسؤولون الذين تولوا أمرنا بعد ثورتين. ألا يعنى ذلك أنهم لا يمتون بصلة إلى الثورة. أو إلى الشعب الذى ضحى من أجلهما؟!
ماذا نفعل إذن أكثر من بذل الدماء وتقديم الشهداء - شهيدا بعده شهيد - لنحظى بسلطة تحترم كرامتنا. وتعيد إلينا الشعور الذى نستحقه بأننا أصبحنا فى وطن حر؟
لا نقول لكم ما قاله عمر ابن الخطاب لوالى مصر: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.. ولكن نقول لكم متى استعبدتم الأحرار وقد ولدتكم أمهاتكم عبيدا فى بلاط الشعب؟