(عندك كام سنة طوارئ).. عنوان مقال نُشر لى فى «اليوم السابع» بتاريخ 6 سبتمبر 2010.. كنت فى الخامسة والعشرين من العمر.. فلم أر خلال سنوات عمرى يوماً واحداً دون قانون الطوارئ.. الذى اعتقلت بسببه عدة مرات، كانت إحداها بعد حوالى شهر من كتابة هذا المقال.. وبالتحديد يوم 10 أكتوبر 2010.. فى تظاهرة نظمتها مع رفاقى أمام نقابة المحامين.. للتنديد بمقتل «سيد بلال»، الذى لقبناه فى ذلك الحين بشهيد الطوارئ.. كما أطلقنا على «خالد سعيد» من قبله.
عاشت مصر أعواماً طويلة تحت وطأة القوانين الاستثنائية.. فقبل ثورة 23 يوليو فُرضت على البلاد الأحكام العرفية أكثر من مرة بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية.. لتستبدل الأحكام العرفية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 المعروف بـ«قانون الطوارئ».. الذى صدر فى فترة الوحدة مع سوريا فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. ليعطل العمل بقانون الطوارئ بضع سنوات قليلة.. ويعود العمل به مع حدوث النكسة عام 1967.
وفى عهد الرئيس الراحل أنور السادات استمر العمل بقانون الطوارئ.. حتى قام بتعطيله لمدة 18 شهرا فقط فى نهايات حكمه.. لتعلن طلقات بندقية خالد الإسلامبولى التى اخترقت جسد السادات حالة الطوارئ من جديد.. فمنذ تلك اللحظة فى 6 أكتوبر 1981 ومصر تعيش تحت وطأة هذا القانون الاستثنائى.. الذى يمنح حقوقاً واسعة للحاكم.. للبطش بالحريات.. والتنكيل بالمعارضين كما يشاء.. وهو ما قام به المخلوع «حسنى مبارك».. ووزير الداخلية السفاح «حبيب العادلى».. حتى قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير.
لينتهى العمل بقانون الطوارئ فى عهد المجلس العسكرى السابق.. مع تسليمه حكم البلاد لدمية الإخوان «محمد مرسى».. الذى أعلن فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال مع اندلاع تظاهرات عارمة ضد حكم الإخوان فى مدن القناة.. وفعلياً لم يطبق قانون الطوارئ لمدة حتى ساعة واحدة فى تحدٍ عظيم من أهالى مدن القناة لقرار المعتوه مرسى.
لنشهد من جديد عودة لقانون الطوارئ.. بعد قيام ثورة 30 يونيو.. فى محاولة لمواجهة مجموعات الإخوان المجرمين.. وعودة الأمن للمواطن البسيط.. الذى أصبح يرتعد خوفاً وقلقاً ليل نهار من إجرام الإخوان وأتباعهم من البلطجية والمأجورين.
فقد خرج علينا رئيس الوزراء حازم الببلاوى.. ليعلن فرض حالة الطوارئ.. واصفاً ذلك بـ«أبغض الحلال».. فمصر فى وضع صعب.. وفى مواجهة حاسمة مع جماعات مسلحة تسعى للنيل من الوطن العزيز.
لتعلن إدارة بوش الأسود «أوباما».. فى سفالة وبجاحة سافرة.. رفضها وتنديدها بفرض حالة الطوارئ فى مصر.. بالتزامن مع قيام باراك أوباما بالمطالبة فى رسالة إلى الكونجرس الأمريكى.. بمد حالة الطوارئ فى أمريكا لعام جديد.. للعام الـ12 على التوالى منذ أحداث 11 سبتمبر.. وذلك بسبب أن التهديد الإرهابى الذى أدى إلى إعلان الطوارئ فى 14 سبتمبر 2001 مازال متواصلاً.
فنعم قانون الطوارئ قانون سيئ وباطش.. نعم قانون الطوارئ كان السبب الرئيسى فى قيام ثورة يناير.. نعم قانون الطوارئ لا يجوز أن يفرض فى مصر وهى تتوق للحرية والديمقراطية.. ولكن قانون الطوارئ فرض الآن من أجل أن تبقى دولة مصر أصلاً.
فمن قبل فى عهد المخلوع مبارك لم يكن الوطن فى حاجة لقانون استثنائى.. أما اليوم فقد حان موعد الطوارئ.. حسب التوقيت الوطنى لإنقاذ مصر.