اعترفت الحكومة، فى تصريح نشرته «المصرى اليوم» هذا الأسبوع، بأنه لم يحدث أى تقدم ملموس فى ملف العدالة الاجتماعية، الاعتراف كان على لسان وزير التخطيط، الذى قال إن تطبيق الحدين الأقصى والأدنى للأجور لايزال يحتاج إلى مزيد من الدراسة!! وبعدها خرج رئيس الوزراء ليعلن تطبيق الحد الأدنى.
موضوع الحد الأدنى للأجور بدأ فى مارس ٢٠١٠ عندما حصل «المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» على حكم من محكمة القضاء الإدارى قضى «بوقف تنفيذ قرار المجلس القومى للأجور بوضع حد أدنى للأجور». قالت المحكمة فى حكمها التاريخى: «الأجر العادل يجب أن يضمن الحياة الكريمة للعامل ولأسرته التى يعولها، فكل من يعمل يجب أن يعيش حياة كريمة هو وأسرته من عائد عمله بمراعاة قيمة العمل الذى يقوم به، وبما يتناسب مع الظروف الاقتصادية للمجتمع، وإن اختلت هذه المعادلة، فإن ذلك يكشف عن خلل اقتصادى واجتماعى، ولا سبيل إلى تحقيق الأجر العادل إلا بضمان حد أدنى لأجور العمال يتناسب مع ظروف المعيشة والارتفاع المستمر فى أسعار السلع والخدمات». فى ١٢ يونيو ٢٠١٣ عادت محكمة القضاء الإدارى لتندد بعدم تنفيذ الأحكام الصادرة منها بضرورة وضع حد أدنى للأجور وقالت: «إن استمرار الامتناع عن تنفيذ الحكم بوجوب تطبيق الحد الأدنى للأجور للعاملين هو استهانة بالشعب مصدر السلطات، ويؤدى إلى فقدان الثقة المشروعة فى الدولة، وإن الحد الأدنى للعاملين لم يطبق لا فى عهد المجلس العسكرى، ولا الدستور الجديد، ولا الرئيس الجديد، وإن الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية كارثة وطنية تمس صميم دعائم الحكم فى البلاد، وإن على النظام أن يختار بين الدولة القانونية التى تنفذ أحكام القضاء، وبين غابة الفوضى التى تسودها القوة فيحدث الطوفان». لم تمر إلا ثمانية عشر يوما بعد صدور الحكم إلا وقد اقتلع الطوفان مرسى وجماعته وحملهم من قصور الرئاسة إلى السجن. لن يتحمل فقراء المصريين كثيرا. لابد أن تقوم الحكومة بتطبيق عدة إجراءات على الفور. الأول: تطبيق الحد الأدنى للأجور، بحيث لا يقل أجر أى عامل فى مصر، أيا كانت جهة عمله أو طريقة تعيينه، بما فى ذلك العقود المؤقتة عن ١٥٠٠ وليس 1200 جنيه مصرى. الثانى: ترشيد الدعم فلا يحصل عليه إلا من تقل دخولهم عن خمسة آلاف جنيه، على أن يحصل الفرد على نصيبه من الدعم مباشرة ونقدا عبر كروت ذكية، سيساعد هذا على خفض قيمة الدعم، الذى يتجاوز ١٤٥ مليار جنيه، إلى أكثر من النصف بما يساعد على تمويل برنامج الحد الأدنى من الأجور. الثالث: إعادة النظر فى منظومة العدالة الضريبية، بحيث يتم إلغاء إعفاء توزيعات الأسهم والأرباح الرأسمالية من ضريبة الدخل، وزيادة حد الإعفاء الضريبى لصغار العاملين. الرابع: إعلان خطة قومية لإعادة تأهيل العمالة الزائدة وفقا لاحتياجات سوق العمل، وإعادة هيكلة نظام التعليم بما يساعد على تلبيه احتياجات السوق. بغير سياسات جسورة فإن على حكومة الببلاوى أن تنتظر الطوفان، فوزير الداخلية لن يستطيع أن يشكل سدا منيعا أمام الأفواه الجائعة.