لا أتصور أن النوم يمكن أن يزور الدكتور جلال سعيد، محافظ القاهرة، أو الدكتور على عبدالرحمن، محافظ الجيزة، فى ظل وجود هذه الكتابات البذيئة على جدران المبانى فى المحافظتين.
لقد ابتلانا الله تعالى، فيما بعد ثورة 30 يونيو، بأشخاص لا ضمير عندهم، ولا دين و لا أخلاق، ولأنهم كذلك، فإنهم لم يجدوا أدنى حرج فى تشويه شوارعنا بعباراتهم المنحطة وشعاراتهم الساقطة التى راحوا يملأون بها واجهات المنازل والمنشآت فى كل شارع وكأنهم مكلفون بإلقاء القاذورات عند كل باب!
وأتصور بالطبع أن تكون هذه الظاهرة المؤسفة موجودة فى الإسكندرية وفى شتى المحافظات، وبالتالى فالمتخيل أن مسؤولية إزالتها على الفور تقع على كاهل كل محافظ فى منطقته، دون إبطاء.
وإذا كنت قد بدأت بالقاهرة والجيزة ثم ركزت عليهما، فلأن الأمر فيهما قد بلغ حداً مخجلاً لا يمكن السكوت عليه ولابد من مواجهته بكل حزم.
صحيح أن عدداً من الشباب الجميل قد اجتمع تحت شعار بديع هو «بنحب مصر»، ثم مضى يجمل بعض شوارع الجيزة، وينزع عنها القبح، إلا أن هذا فيما يبدو ليس كافياً، وليس هناك مفر من عمل رسمى منظم يحافظ على البقية الباقية من جمال شوارع العاصمة إذا كان لايزال فيها جمال نذكره.
وما نعرفه أن هناك هيئة للنظافة والتجميل فى القاهرة وفى الجيزة، ولذلك فالسؤال هو: ما هو عمل هاتين الهيئتين، إذا لم يكن عملهما هو التعامل مع هذه التشوهات أولاً بأول؟!
والغريب أن الذين ينشرون البذاءة على كل جدار هكذا يتحدثون باسم الإسلام ويخرجون على الناس فى كل مناسبة بما قال الله تعالى وبما قال رسوله الكريم، فإذا بهم عند أى اختبار عملى أبعد الناس عن الله وعن الدين وعن رسوله، عليه الصلاة والسلام.
وليس فى إمكان المرء أن يتخيل أن يكون هناك مصرى مخلص فى مصريته أو وطنى صادق فى وطنيته ثم يمشى ليوزع هذه العبارات المحزنة على الشوارع والميادين.
ولأن فقهاءنا الأوائل قد قالوا إن الله يدفع بالسلطان ما لا يدفع بالقرآن، فإن هؤلاء لن يرتدعوا إلا إذا دارت دوريات من المحافظتين فى شوارعهما وفى أوقات مختلفة من الليل والنهار وأمسكت بمن تستطيع الإمساك به منهم، ثم راحت تعلقهم من رقابهم فى أوسع ميدان ليكونوا فرجة ثم عبرة وعظة لغيرهم.
لا تتركوا القبح فى شوارعنا يؤذى عيون الناس علناً هكذا وأزيلوه من فضلكم فى الحال ولا تأخذكم بأصحابه رأفة ولا رحمة.