(1)
يجلس مدير البرامج بالقناة الثورية مع المذيعة الشابة المتهمة بأنها طابور خامس موالٍ للإخوان ويقول لها:
ــ لو محتاجة إجازة اليومين دول.. أنا متفهم حجم الضغوط عليكي.. إنتي إنسانة نبيلة وجايز الوضع السياسي مش مناسب ليكي.
تفهم أنه يطلب منها الاختفاء، فتتحدث طويلًا عن أنها ملتزمة «بقواعد مهنية».
يلتقط الرسالة ويبدو أن جملة قواعد مهنية لم ترقَ له كثيرًا، فيرد قائلاً:
ــ إحنا في حرب حاليًا.. والجزيرة بتفبرك وإحنا لازم نرد عليها.. وإن شاء الله قدام حنبقى مهنيين وكده.
(2)
«طبعا أنا ضد المحاكمات العسكرية إلا في حالات.. والطوارئ سيئة جدًا لكنكم تعرفون أن.. والجيش لا يحق له التدخل في السياسة طبعًا، لكن ما هو..».
هذا ملخص الخطاب «الثوري الرسمي» في الفضائيات الآن.. فالرسالة الإعلامية الآن هي «كونوا واقعيين ولا تطلبوا شيئًا»، فعلى المواطن أن يتنازل عن حقوقه، لأن الوطن في حرب على الإرهاب وطلب الحقوق خيانة وقت الحرب.
ومن وافقوا على إغلاق فضائيات خصومهم لتبقى فضائياتهم نسوا أنه منذ لحظة الإغلاق لم تعد هناك «فضائياتهم»، ولكن عرائس تعلم أن السلطة يمكن أن تغلقها بجرة قلم.
الآن.. في الإعلام من اعترض انطرد.. ورموز يناير محاصرة إعلاميًا وعبارات كثيرة من نوعية «طابور خامس.. حكوكيين عايزين يلاقوا مخرج للإخوان.. بتوع خالد علي.. بتوع أبو الفتوح.. بتوع البرادعي.. اللي عصروا لمون» تتردد لإخفائهم.
وبكرة تشوفوا اللي فاضل من مصر.
(3)
غالبًا سيحصل إعلان «وأنا أحب العسكري»، الذي أُنتج في التسعينيات، على جائزة أفضل إعلان لعام 2013.
فالقناعة الراسخة لدى الكثير أن هتاف «حرية حرية» أوصلنا لحكم الإخوان، وبالتالي فحجب من يدافعون عن الحريات سيجعلنا لا نعيدهم..
يقال إن أغنية «يا أبو الشريط الأحمر ياللي..أسرتني ارحم ذلي» هي الأعلى مبيعًا في محيط مدينة الإنتاج الإعلامي.. والبعض يشرب الشاي بالياسمين مرتين.
(4)
طاردوك وهذبوك..
ركَّعوك ودربوك.. تتحرك زيهم..
بالإيقاعِ استعبدوك.. برمجوك وعلموك..
كيف ترقص زيهم..
كان فيه خيار وإنت رقصت..
كنا أحرار وإنت رقصت..
مشروع ليلى ــ رقصوك
(5)
التاريخ 28 يونيو 2013
المكان مدينة الإنتاج الإعلامي..
يندفع رئيس تحرير البرنامج إلى غرفة التحكم ويصرخ في فريق المعدين قائلًا:
ــ يا جماعة مش كده.. إيه اللي بتدخلوه يتكلم ده.. البلد مش مستحملة.
الاعتراض كان على مداخلة تليفونية لعضو بإحدى الحركات الثورية الشبابية، يهاجم فيها الإخوان، كان هذا حين أرسلت وزارة استثمار مرسي إلى الفضائيات تنذرهم بالإغلاق بحجج إدارية.
بعد أسبوع بالضبط.. وعقب 3 يوليو اندفع نفس رئيس التحرير إلى غرفة التحكم ليصرخ معترضًا على نفس الشاب، عضو الحركة الثورية الذي يتحدث في مداخلة:
ــ عدم إقصاء إيه وزفت إيه اللي بيتكلم عنها.. بتدخلوا الزفت ده ليه.. الناس مش متقبلة الكلام ده.
(6)
الإخبارية السورية فكرة.. والفكرة لا يمكن تموت.
من شاهد الفضائيات الليبية والسورية يفهم كيف يجيد المتحدثون بها الحديث لساعات عن مؤامرات كونية لينسى الناس مشاكلهم ويحاربون طواحين الهواء وراء البحار والمحيطات.
وفي قاهرة المعز.. قضايا هيكلة الداخلية ووضع المؤسسة العسكرية في الدستور ومطالب العدالة الاجتماعية، تتراجع ليصبح الحديث عن الخلايا النائمة للإخوان في الكونجرس الأمريكي وعضوية أردوغان في التنظيم الدولي.
الخطاب الإعلامي الآن ملخصه: تسقط التبعية.. حكومتنا من حقها أن تفعل ما تشاء.. عاشت مصر حرة مستقلة تقتل مواطنيها.. فهيا نحارب كوكب الأرض الذي يكره مصرنا الحبيبة لموقعها الجغرافي المتميز وهوائها العليل الدافئ ممطر شتاءً.
الدنمارك علّقت مساعداتها الاقتصادية.. ولجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني اعتبرت أن التعاون مع القاهرة أصبح على المحك.. الإكوادور ومورشيوس وفنزويلا وتونس سحبت سفراءها.. لكن أنصار الفاشية الوطنية يصرون أن كل بلدان العالم الديمقراطي تتآمر على مصر تمامًا كما كان أنصار الفاشية الدينية يحسبون كل صيحة عليهم ويهتفون كلما عارض أحد رئيسهم الغبي «إنها الحرب على الإسلام».
(7)
وبس تتجرأ بالسؤال عن تدهور الأحوال..
بيسكتوك بشعارات عن كل المؤامرات..
خونوك القطيع كل ما طلبت بتغير الوطن..
يأسوك حتى تبيع حريتك لما يضيع الوطن..
علموك النشيد قالوا صراعك مفيد للوطن..
خدّروك بالوريد قالوا خمولك مفيد للوطن..
مشروع ليلى ــ الوطن
(8)
الكراهية تتقدم الصفوف..
من السذاجة تصور أن العداء الإعلامي للإخوان أمني.. فإصرار قيادات الإخوان على تلقين أفرادهم هتافات الشعب يريد تطهير الإعلام ومحاصرة مدينة الإنتاج، ثم إنذار مرسي للفضائيات، جعل الصراع حياة أو موتًا.
كما أن تشويه أفراد الإخوان المنهجي لكل من هو مخالف للجماعة جعل الكثير من قادة الرأي يكون بينهم وبين الإخوان «ثأر شخصي»، وإصرار الإخوان على المظلومية جعلت مجموعة أخرى تتساءل: هل هناك جدوى من عدم إقصاء مرضى نفسيًا يقودهم حفنة مُسنون يرون السجن نجاة من الفشل انتخابيًا.
أعلم أن هذا الخطاب يبدو مدرسيًا يبدو سمجًا.. لكن الأكيد أن الصوت الإعلامي الواحد لا يهدد الإخوان بقدر ما يهدد المهنية والحقيقة.. وهي أشياء إن ضاعت تضيع وراءها أحلام الحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني إن آجلًا أو عاجلًا.
(9)
الطريق صعب وطويل وبيمتحن الروح..
بس كبر جسمي صغر قلبي ليتحمل..
طعم الخل يللي لقيتوا بدل العسل..
تسوق ما تنساق بيرجعلك الخيار..
قبل ما العالم ينساك بآخر المشوار..
مشروع ليلى ــ تاكسي
روابط تجدر الإشارة إليها:
رقصوك
https://www.youtube.com/watch?v=VDHSzAv2pb4
تاكسي
https://www.youtube.com/watch?v=3l4-Ec1s_DM
للوطن
https://www.youtube.com/watch?v=i364HKY3MN0
مقال تجدر الإشارة إليه عن علاقة الإخوان والإعلام:
أنا عارف كويس قوي مين بيقول إيه إزاي علشان إيه؟
http://www.almasryalyoum.com/node/1807706