هذه القصة التى سوف أرويها هنا حدثت يوم الجمعة الموافق السادس من سبتمبر 2013:
فى هذا اليوم عشت تجربتين مختلفتين فى الشكل والجوهر
التجربة الأولى:
■ أقطن فى حى المعادى.. ويوم الجمعة (6 سبتمبر) كانت هناك مسيرة قام بها أبناء حى المعادى، خرجت بعد صلاة الجمعة من قرب نادى المعادى، وتحددت لها ساعتان للانتهاء قبل موعد الحظر بوقت كافٍ، وكان عدد المشاركين فى المسيرة كبيرا بشكل ملحوظ، وكانت لمطالبة الفريق السيسى بالترشح لرئاسة الجمهورية.. وشاركت فيها مع من شاركوا، ثم تركتهم للحاق بموعد العمل فى جاردن سيتى.. وبعد الانتهاء منه اتجهت عائدة إلى منزلى فى المعادى، وكان وقت الحظر قد حل، لكن طبيعة عملى الصحفى تسمح لى بالمرور أثناء وقت الحظر، ومع ذلك ومع وجود كارنيه النقابة، الذى يعطينى حق المرور إلا أن ضابط الكمين رفض مرور السيارة، وطلب أن نأخذ طريقا فرعيا آخر. أخذ السائق طريقا فرعيا حتى وصلنا كورنيش المعادى، وهناك وجدنا الزحام شديدا، فاقترح أن ندخل من الوراء، ونأخذ الدائرى، ثم إلى الكورنيش من الاتجاه الآخر ووافقت..
وهنا تأتى التجربة الثانية:
■ بعد الدائرى وقريبا من مدخل المعادى وجدنا الطابور طويلا عند الكمين فاقترح أن ندخل من مدخل آخر يخترق أماكن أخرى من منطقة المعادى الجديدة، ومنها ندخل إلى المعادى القديمة وإلى بيتى.. وما إن دخلنا من مدخل لم أمر به من قبل حتى فوجئنا بأننا فى (قندهار)، ولسنا أبدا فى مصر!.
أعداد غفيرة تسير من الرجال والنساء جميعهم يرتدون الملابس السوداء، ويضعون رابطة تنظيم القاعدة فوق رؤسهم، ويتمنطقون به، ويرفعون أعلام القاعدة.. أول مرة أشاهد نساء بملابس القاعدة.. كان الطريق مغلقا تماما بالعدد الكبير من الرجال والنساء، ومنهم السائرون على الأقدام يغلقون الشارع تماما، ومنهم يعتلون سيارات بوكس، والهتافات متعالية، والمضحك أنهم يهتفون (مصر يا أم ولادك أهم).
المضحك أنهم يهتفون بمصر الأم، وفى الوقت نفسه يرفعون علم القاعدة عوضا عن علم مصر، ويرتدون ملابس تنظيم القاعدة السوداء!!..
نعم الأمر مضحك، لكنه ضحك كالبكاء والله.. فكيف يحدث هذا وأين الأمن وأين الجيش؟ وكيف يتركون هذا يحدث بهذا الشكل المخيف، وأثناء توقيت الحظر؟!.. والأعجب أننا بعد أن غيرنا طريقنا بصعوبة شديدة جدا استغرقت من الوقت ما يقرب من الساعة، وعند وصولنا إلى المنطقة التى بها منزلى، وهى منطقة سفارات، ومعظم سكانها أجانب، ومنطقة هادئة جدا.. منطقة من الأساس وحتى قبل الحظر وقبل الثورة الحراسة الأمنية فيها عالية، ويسمونها المنطقة (أ) من حيث ارتفاع الحالة الأمنية فيها.. إلا أننى وجدت هؤلاء قد اخترقوها بسوادهم وهتافاتهم، ولا وجود نهائيا لا للجيش ولا للشرطة!! فكيف هذا وما معناه؟!.. كيف يترك هؤلاء يسيرون بهذه الأعداد الغفيرة وأثناء الحظر، وهم يرتدون ملابسهم السوداء ويرفعون أعلام تنظيم القاعدة الإرهابى ألسنا فى حالة طوارئ تمنع هذا منعا باتا طيلة ساعات اليوم ما بالنا بساعات حظر التجوال؟!.. كيف يحدث هذا يوم الجمعة، وهو اليوم اللاحق ليوم الخميس، الذى حدثت فيه المحاولة الإرهابية الآثمة لاغتيال وزير الداخلية، والتفجيرات الإجرامية، التى راح ضحية لها مصابون أبرياء بإصابات خطيرة.
ما رأيته وما عشته لمدة اقتربت من الساعتين يضعنى أمام تساؤلات عديدة، وأمام حالة من الدهشة والانزعاج إزاء هذا السكوت على هذه الخطورة، التى تترك هكذا! مجاميع مجرد شكلها الخارجى مروع للناس، وأساليبهم إجرامية، ويخرجون يسيرون وسط الشوارع يروعون الناس ويتحدون قرار الحظر، وقرار إعلان حالة الطوارئ، ولا شىء يقابل هذا من الجيش ومن الأمن؟! كيف هذا ولماذا؟! إلا من مجيب يا أصحاب القرار وأصحاب السلطة يا من فوضناكم لحمايتنا من هذه الجماعة الإرهابية المجرمة؟!
وهل لى أن أسأل من هؤلاء الذين يقفون لمنع صدر هذا القرار، الذى ينتظره شعب مصر وتحتاجه مصر للخروج بها من هذا الخطر الداهم الدائم؟!
■ تحركوا بربكم فالأمر جد خطير، ولا يحتمل هذا البطء وهذا التراخى!